لم تكن الطفلة الفلسطينية أشرقت طه قطناني وحدها التي قتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي بنيران بنادقه عند حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس، كما لن تكون الأخيرة على ما يبدو،فالاحتلال يمارس إعداماته الميدانية للفلسطينيين دون رقيب أو حسيب. وفي صباح الأحد الماضي وبعد أن صلت الفجر وقدمت الدواء لوالدها خرجت أشرقت (16 عاما) من منزلها -حيث تسكن- صوب مدرستها قرب مخيم عسكر للاجئين شرق نابلس كما هي العادة، لتفاجأ العائلة وبعد وقت قصير بأن ابنتها ارتقت شهيدة برصاص الاحتلال عند الحاجز المذكور بحجة أنها حاولت طعن مستوطنين بالمكان. وإلى حيث صارت رواية الاحتلال لا يؤكدوالد أشرقت الشيخ طه قطناني ذلك ولا ينفيه، ولا يستبعد عن أي فلسطيني -سواء في حالة طفلته أو غيرها- يرى "جرائم الاحتلال بحق شعب أعزل" كل يوم أن يقف صامتا. إعدام متصاعد ولفت إلى أن أحاديث أشرقت في الفترة الأخيرة حملت علامات استفهام كثيرة، ولا سيما أنها ظلت تستنهض أشقاءها وتحثهم على مقاومة الاحتلال "وكل ذلك ظننا أنه مجرد كلام إلى أن أقدمت ابنتي على فعلتها"، يقول الرجل. ورغم ذلك يصر الرجل على أن الاحتلال ارتكب "جريمة إعدام ميدانية وبدم بارد" بحق طفلته في الوقت الذي كان بإمكانه اعتقالها، فأطلقوا جنوده عشر رصاصات بعد أن دهسها المستوطن، ويبرهن على ذلك بتبريرات ضابط الاحتلال حين استدعاه للتحقيق في معسكر حوارة فور مقتل طفلته وأخبرهم أنهم "يأسفون" لقتل أشرقت ويأملون بألا يكون هناك أي تحريض أو رد انتقامي منهم. ومنذ رحيل أشرقت وارتقائها شهيدة وعائلتها تعض على ألمها وحزنها وتعتصر حزنها تنفيذا لوصيتها التي رددتها دوما بألا يبكوا حين رحيلها وأن يرفعوا العلم الفلسطيني وحده وأن يتبرعوا بأعضاء جسدها للمحتاجين. وفي أزقة مخيم عسكر -حيث تنحدر عائلة أشرقت- سارع شقيقها الأصغر حبيب الرحمن للصق صورها على جدران المنازل وبين صور الشهداء والشعارات المخطوطة سلفا، فهو يشعر بالفخر لما قامت به شقيقته. يقول حبيب الرحمن (13 عاما) إنه عاش اللحظات الأخيرة وشقيقته أشرقت التي ما انفكت تبدي غضبها وامتعاضها من "عنف الاحتلال وإرهابه حتى أنها عبرت عن ذلك في كتاباتها بالمدرسة. وتزامنا مع استشهاد أشرقت قتلت قوات الاحتلال الطفلين علاء حشاش (15 عاما) عند حاجز حوارة أيضا وهديل عواد داخل مدينة القدس بدعوى شروعهما في تنفيذ عمليات طعن ضد جيش الاحتلال. الطفلة الشهيدة أشرقت طه قطناني وهي ملقاة على الأرض عند حاجز حوارة جنوب نابلس (ناشطون) مبررات للقتل ووصل حتى الآن الشهداء الأطفال إلى 19 من بين 95 فلسطينيا استشهدوا منذ بداية انتفاضة القدس مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إضافة لاعتقال أكثر منأربعمئة طفل. ويعكس هذا -وفق مؤسسات حقوقية وأخرى إنسانية تعنى بشؤون الأطفال- مدى إفراط الاحتلال باستهدافهم وقتلهم، كما يقولالباحث في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطينعايد أبو قطيش. ويشير أبو قطيش إلى أن كل الدلائل التي جمعت في حالات قتل الأطفال المذكورين خلال هذه الأحداث تؤكد أن الأطفال لم يشكلوا خطرا حقيقيا على جنود الاحتلال أو المستوطنين "حتى الذين يتهمهم الاحتلال بمحاولة تنفيذ عمليات طعن". وأوضح أبو قطيش للجزيرة نت أنه كان بإمكان الجنود الإسرائيليين اعتقال أولئك الأطفال أو السيطرة عليهم دون قتلهم "لكنهم فضلوا القتل" وأطلقوا وابلا من الرصاص باتجاه أولئك الأطفال. وأرجع هذا التصعيد إلى سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها الجنود وغياب المساءلة وتغيير التعليمات لدى الجيش في إطلاق النار، بمعنى أنها أصبحت أكثر مرونة في استهداف الفلسطينيين، إضافة لتصريحات المدنيين الإسرائيليين التي تشجع على العنف والقتل ودعوة الحكومة الإسرائيلية لهم إلى حمل السلاح.