صمود تجربة مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام التحديات الداخلية والخارجية، وقدرته على تجاوز المواقف الحرجة طوال مسيرته، والنظر إلى الأهداف والمستقبل بروح التفاؤل والأمل في الوصول إلى الغاية.. كلها عوامل تؤكد أن هذه «الوحدة» باتت ضرورة لأهل المنطقة ــ شعوبا وحكومات، وأن التفريط فيها خطأ لا يليق، فهو يضيع الكثير من المصالح ويهدر الطاقات. وهي الرؤية التي تخدم مصلحة الجميع هي التي حملتها دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ إلى الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، بعد أن نضجت التجربة واتضحت فوائدها وباتت قادرة على تجاوزها إلى مرحلة تعطيها طاقة جديدة تستثمر فيها إمكانياتها بصورة أكبر وأكثر فاعلية، تمكنها من الاستجابة لرغبات الشعوب والتفاعل مع القضايا الإقليمية والدولية بصوت موحد يجمع قوة وحدة الإرادة ويوظف الوزن الاقتصادي وأهمية الموقع وقوة التجانس والتقارب الاجتماعي والثقافي. وإذا كانت هناك وجهات نظر تتعلق بالتوقيت والجاهزية والتريث لدراسة متطلبات المرحلة المقبلة بشيء من الهدوء والتفاصيل، فهذا شيء مفهوم ومقدر من الجميع، لكن هذا الرأي لا تكون له قيمة تسهم في تحقيق الهدف إلا إذا انطلق من الموافقة على المبدأ والاقتناع بأهمية السير على طريق الاتحاد، فحينها يصبح كل شيء قابلا للنقاش؛ لأن كل الآراء والاجتهادات ستنتهي، في النهاية، إلى الوصول إلى محطة الاتحاد التي تجعل لهذه المجموعة قوة تكسبها المناعة ضد الأطماع الخارجية وتحمي مكتسباتها.. إذا، الاتحاد مطلب لا يصح التفريط فيه، حتى وإن اختلفت الأسرة الخليجية على توقيته أو بعض تفاصيله.