شكلت الأغنية الفلسطينية تاريخيا رديفا للنضال منذ انطلاقة الثورة، مرورا بمراحلها المختلفة، ولطالما كانت أغاني سعد المزين وفرقة العاشقين ومارسيل خليفة وأحمد قعبور وفنانين عرب محرضا وصنو فعل الكفاح على الأرض تسندها أشكال إبداعية فنية وأدبية مختلفة مازالت تؤازر الفعل النضالي. ومع تصاعد إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام مؤخراانبثقت أغان وأشكال فنية جديدة لترافق هذه المرحلة النضالية, وتضاف إلى سياق الإرث الفني الكبير للقضية الفلسطينية، وكان اسم الأسير سامر العيساوي -المضرب عن الطعام منذ سبعة شهور- عنوان هذه الأغنيات التي ألفها فنانون فلسطينيون من الداخل وآخرون بأوروبا. ففي وقتكان فيه العيساوي يمثل أمام محكمة الصلح الإسرائيلية بالقدس المحتلة قبل أيام، كان الفنان الفلسطيني المغترب بالعاصمة الفرنسية باريس أحمد داري يسجل أغنية "ضلك صامد" أهداها للعيساوي. الفنان أحمد داري قدم أغنية "ضلك صامد" للعيساوي (الجزيرة) لحن الصمود وبقي داري بذلك وفيا لنضالات فنية طالما سطرها الفنانون الفلسطينيون فبث أغنية "ضلك صامد"، ونشرت عبر يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي مترجمة بالإنجليزية، وفيها تحية لما يصفه داري بـ" الصمود الأسطوري" للعيساوي ورفاقه. وتقول الأغنية "انهزمت كل جيوش العرب .. مجد الأمة بجوع انكتب، سامر صوت المقهورين .. ملح ومية جوعه وهب". ويقول داري إن أغنيته تنتقد الموقف العربي الصامت حيال إضراب الأسرى الفلسطينيين، كما تقدم معاني حماسية لرفع معنويات الأسرى المضربين، مرورا بنداء استغاثة على لسان والدة العيساوي الذي، كما يقول، لا يجد صدى رسميا. ويرى الفنان الفلسطيني أن الأغنيةتؤثر بشكل كبير في توجيه الرأي العام وتحريضه أيضا، وأن تجربة الأغاني الوطنية والثورية شكلتانعكاسا مهما لمراحل النضال وتأريخا لأحداثه، كما في أغاني فرقة العاشقين، التي وثقت مراحل حصار بيروت والمجازر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان في الثمانينيات. وقال داري للجزيرة نت إنه لأول مرة تفتقد قضية الأسرى الفلسطينيين للإسناد العربي والدولي والفلسطيني الرسمي، وهو ما انعكس في إحباط الأسرى من أي تدخل خارجي للإفراج عنهم أو تحسين ظروفهم مما اضطرهم لأخذ زمام المبادرة بالإضراب عن الطعام. وسبق لداري أن قدم أغاني عن استحقاق الدولة قبيل توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة العام الماضي، وأخرى تنتقد المصالحة المعطلة، وأيضا أغنية عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وكان له أغنية عن إضراب الأسيرة هناء شلبي مطلع العام الماضي. ولا يكتفي داري بتوجيه أغنيته للشارع الفلسطيني والعربي، بل يقترب بأعماله الفنية ليحاور الشارع الأوروبي من خلال ترجمتها إلى ست لغات أوروبية، حيث يعتقد أنه من المهم إيصال قضية الفلسطينيين والأسرى خاصة لكل العالم. " القناة الإسرائيلية العاشرة هاجمت أغنية "عيساوي يتحدى الموت" واعتبرتها مادة للتحريض على انتفاضة فلسطينية ثالثة " قوة الكلمة وإلى جانب أغنية داري تضج الشوارع الفلسطينية بأغان شعبيةعن تجربة إضراب الأسرى المستمر للعام الثاني على التوالي منذ أطلق هذه التجربة الشيخ خضر عدنان نهاية عام 2011 وصولا لإضراب 12 أسيرا للمطالبة بوقف الاعتقال الإداري وعدم اعتقال المحررين ضمن صفقة تبادل شاليط ومن بينهم العيساوي وأيمن الشراونة. ومن بين هذه الأغاني"صرخة أسير" للفنان إياد ربيع، التي تتمنى بأن يكون مثل العيساوي ألف بطل أحرار ويرفضون الأسر ويناضلون بجوعهم لأجل حريتهم. وجاءت أغنية "عيساوي يتحدى الموت" للفنان الفلسطيني شادي البوريني لتقلب الإعلام الإسرائيلي الذي رأى فيها صيغة تحريض على انتفاضة فلسطينية ثالثة. حيث تحث الأغنية الفصائل الفلسطينية على "هبّة لأجل العيساوي ". واستخدمت الأغنية في مظاهرات لأجل الأسرى بدول أوروبية مثل إسبانيا وكندا. ويقول مغنيها إنه قدمها لنصرة الأسرى المضربين عن الطعام، وكي تحظى قضية العيساوي والمضربين بتفاعل أكثر بين الناس. وسبق للبوريني أن قدم أغنية " اضرب اضرب تل أبيب" خلال الحرب الأخيرة على غزة في نوفمبر/تشرين الثانيالماضي، وكان لها صدى كبير بأوساط الفلسطينيين. وهاجمت القناة الإسرائيلية العاشرة أغنية "عيساوي يتحدى الموت" واعتبرتها مادة للتحريض على انتفاضة فلسطينية ثالثة. وزعمت أن الفلسطينيين "يريدون أن يموتوا ليقلبوا الرأي الدولي ضد إسرائيل". وقال البوريني للجزيرة نت إن أغنيته تدعو لحراك أكبر لمناصرة الأسرى حتى لو تحول هذا الحراك إلى مظاهرات ومواجهات مع الاحتلال. وتوجه الأغنية رسالة للفصائل "يا جبهاوي ويا فتحاوي ويا حمساوي هبوا كرمال العيساوي" حيث يرى مغنيها أن للفصائل القدرة الأكبر على التأثير بصفوف الفلسطينيين، وتتجاوز تأثير الدعوات الرسمية من السلطة أو غيرها. وكان الفنان السوري سميح شقير، قد بعث برسالة مساندة مصورة لدعم العيساويومساندة عائلته. وحيا شقير -الذي كانت أغنياته "هي يا سجاني ..عتمك رايح، ظلمك رايح" و"لو يرموك بالعتمة" حافزا لصمود الأسرى في سجونهم برسالته للأسير الفلسطيني،معبرا عن أمله بأن يتكلل صموده بالنصر، وأن "تكسر إرادته قرارات السجان الإسرائيلي"، وخاطبه بقوله "أنت يا سامر "حر ولو بالقيد، ومنك خوف سجانك".