×
محافظة المنطقة الشرقية

بشرة خير

صورة الخبر

صاحب قمة الدول العربية مع دول أمريكا الجنوبية التي احتضنتها مدينة الرياض يومي 10 و 11 من شهر نوفمبر الحالي- حوارات وتعليقات كثيرة كان أبرزها مقولة «من الذي يقود الآخر في هذه القمة هل السياسية أم الاقتصاد؟» وقد يتفهم المراقب بعض جوانب البحث المنزوية للبعض، ولكنه لا يجد العذر لمثل هذه الأطروحات التي تقلل من قمة مهمة وعلى هذا القدر من الحضور والفاعلية. الأمر المهم في تقديرنا وقبل قراءة مضامين القمة العامة، الاسترشاد بالنقاط المهمة التالية: أولا، أن عمر هذا التجمع السياسي الدولي حديث، لان مدة عشر سنوات لا يمكن أن تمثل مسارا واضحاً يمكن محاكمته وتحليل معطياته بدقة وموضوعية. ثانيا، استمرارية هذا الفعل السياسي الاختياري تعتمد على قدرة الدول الأعضاء على بلورة هوية سياسية عامة إما عبر مؤسسات، أو عبر إطلاق مشروعات مشتركة على أرض الواقع تدعم مضامين الاستمرار والتطور وتحقيق الأهداف التي رسمت عند انطلاق هذا النسق السياسي الدولي. ثالثاً، من المفيد التذكر دائما أن الآمال العريضة التي ينطلق منها جل هذا العمل قائم على ركائز تتراوح بين التنسيق، والتشاور، والتعاون بهدف تدعيم أواصر الصلات والنهوض بمستوى الأعمال البينية بين الدول الأعضاء. وهذه المعطيات في تقدير المراقبين على صفاء محتواها إلا أنها من الطرق الطويلة جدا في بعض الأحيان بالنسبة لسرعة الوصول للهدف. لان هذه المعاني التي غالبا ما تكون قواسم مشتركة بين أقطاب تتشابه في الهوية، والآمال والطموحات. وفي بعض الأحيان تكون قواسم واضحة لدى أقطاب تتقاسم الخطيبات وتعاني من ذات المظلوميات. النظرة العامة لمستقبل هذا التكتل الدولي، الذي انفضت قمته الرابعة بالأمس القريب في الرياض، تعتمد بصورة أساسية على الاستخدام الحصيف من قبل الجانبين العربي، والجنوب أمريكي على استخدام أدوات الاقتصاد المتاحة واستثمارها بصورة مناسبة لإعطاء المبرر المنطقي والواقعي للسير قدما بحيث تجر عربات الاقتصاد قاطرات السياسة بين الجانبين إلى مناطق أرحب، وميادين أوسع، وإلى تعاون اشمل وبالتالي تحقيق مكاسب سياسية على المستويات الإقليمية والدولية بينة ولا تتيح الفرصة لأحد في المستقبل لطرح سؤال أخرس عن جدوى ما يحدث. بعبارة أخرى الوصول بالجانبين إلى مرحلة استثمار العلاقات. وهذه النقطة ستكون كما تخبرنا التجارب التاريخية الوقود اللازم لبلوغ مراحل ما بعد التنسيق والتشاور والتفاهم. وضمن ضرورات الواقع ليس من المتصور أن يكون هناك تعاون بناء عربي لاتيني دون أن يكون هناك جسمان سياسيان، يحويان كيانات بشرية، واقتصادية واجتماعية، وسياسية، وثقافية. يفترض أن تكون على درجة جيدة من التجانس والتماسك والتناغم. كل طرف فيما يخص تجاه الطرف الآخر، وتجاه العالم. وفي الجانب الذي يهمنا بالدرجة الأولى، وهو الجانب العربي. يتوجب على العرب أن يضعوا أيديهم على بؤر الصراع، والتوتر فيما بينهم. كما ينبغى أن يتلمسوا مكامن جراحهم، وأن يتدبروا مداواتها. لان مفاهيم التعاون، وتوطيد العلاقات، ثم السير بها على الأمام حيث التطوير، وجني الثمار. يعني أن يكون الطرف المشارك في مثل هذه التجمعات، والتكتلات على درجة مقبولة من التماسك، والتعافي. بعبارة أخرى يفترض في الجسم العربي العام أن يكون حاضرا لعملية المشاركة الفاعلة تعاون وتنسيق وتطوير علاقات. وبالتأكيد لن يحسن شيئا من ذلك ما لم يضمن موقفا صلبا في وجه تحديات التمزيق والتفتيت. من الملاحظات الغريبة خلال انعقاد هذه القمة، أن هناك أصواتا حاولت إفراغ هذه المسيرة الدولية من محتوياتها، وتوصيف العملية برمتها إلى لقاء اقتصادي لم يكتمل نضجه، أو دفعها للدائرة السياسية فقط. وهنا يثور التساؤل ألا يشهد عالمنا المعاصر قمما اقتصادية دولية خالصة، ثم وانه وإن كانت هذه القمة تحقق خطوات واضحة في الميدان الاقتصادي والتجاري، ما هو وجه النقص، أو القصور. أليس من أول الدروس في ميادين السياسة والعلاقات الدولية أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة. ألا يعرف القوم أن الملموس في علاقات الدول يصل إلى الناس، إلى حياتهم، إلى أرزاق أطفالهم، إلى صناعة المستقبل، والمشاركة فيه! أحد المسارات المخالفة للواقع وللمألوف، ملأت الفضاء جلبة، في محاولات يائسة لتحديد المستفيد، وفي الواقع الموضوع ذو إشارات واضحة.. ومع شديد الاستغراب يمكننا القول ببساطة إن كل الدول التي حضرت القمة، استثمرت شيئا من أدوات بناء سياستها الخارجية عبر الحضور والتفاعل، والمشاركة. أما المملكة العربية السعودية فهي وقيادتها أكبر الرابحين حيث مارست هذه البلاد وملكها بحرص منقطع النظير، إدارة العملية العسكرية الدولية التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن الشقيق، وهي في ذات الوقت تمارس الدور السياسي الأبرز في المنطقة الذي يقود المنظومة العربية ويحدد خياراتها المستقبلية، وهي أي هذه البلاد تقوم برعاية وإدارة هذا الحشد الدولي وهذا الفعل الدبلوماسي المتميز بموازاة المسارات الأخرى وبنفس النجاح.