×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / مركز الأمير مشاري للجودة وتحسين الأداء يحتفي باليوم العالمي للجودة 2015

صورة الخبر

أثار حديث وزير الإسكان ماجد الحقيل، الأسبوع الماضي، عن أزمة الإسكان، عاصفة من الردود والتعليقات، في مواقع التواصل الاجتماعي. الوزير كان قد شدَّد في ندوة حضرها مجموعة من الاقتصاديين والمهتمين، على أن أزمة الإسكان لا تتعلق بمشكلةٍ في الموارد أو الأراضي، وإنما هي مشكلة فكر، إذا تمت معالجته فيمكن معالجة الأزمة. التصريح أغضب شريحة واسعة من المواطنين، ما يدل على عمق أزمة الثقة بين الوزارة وهذه الشريحة من المواطنين، ويبدو أن وزارة الإسكان انضمت إلى الوزارات الخدمية، التي يُسلَّط الضوء عليها شعبياً بشكل مكثف، وتُحسَب على مسؤوليها كل كلمة وتصريح، بسبب تأثيرها الكبير في حياة المواطنين، وأزمة الإسكان التي يشعر بها أغلبهم. تصريح الوزير الحقيل ليس جديداً في نوعيته، ونعني هنا نوعية التصريحات التي تصدر من مسؤولين، وتلقي باللائمة على ثقافة المجتمع، في عدد من الإشكالات التي يتوجب على أجهزة الدولة معالجتها. في هذه الحالة، يجنح المسؤول للهروب إلى الأمام، ورمي الكرة في ملعب الناس، بالقول إن عليهم تغيير ثقافتهم، لتتم معالجة المشكلة، وهذه النظرة لا تتجاوز مسؤولية الجهاز الحكومي في إيجاد معالجات جدية لكثير من الإشكالات وحسب، بل تتخطى ذلك إلى تجاوز دور الجهاز الحكومي نفسه في توعية الناس، والدفع باتجاه تغيير اتجاهاتهم ورؤاهم. في حالة الإسكان، إذا كانت المسألة تقتضي دفع الناس للتفكير بتملك مساكن صغيرة، فإن على الوزارة أولاً أن توفر هذه المساكن، وتعمل على توفير التمويل الضروري، بأساليب مختلفة، ليتمكن الناس من تَمَلُّك هذه المساكن، قبل أن تتحدث عن ثقافة الناس وأفكارهم بخصوص السكن. المشكلة في الأساس هي مشكلة إدارة، وهذه المشكلة لا تقتصر على وزارة الإسكان، وإنما تمتد لجهات ومؤسسات مختلفة، تتوافر لها الموارد، ولا تنقصها الخطط المعتمدة، لكنها تعاني أزمة في إدارة وتنفيذ هذه الخطط، وتوظيف الموارد المتاحة. يمكن ملاحظة شكوى المواطنين المستمرة من الأجهزة البيروقراطية، وعدم فعاليتها وكفاءتها في التنفيذ، كما يمكن ملاحظة الإعجاب الذي يظهره كثير من السعوديين بنموذج دبي، وهو نموذج ليس فيه ما يغري في الواقع، غير أنه يقوم على وجود مؤسسات بيروقراطية فعالة، وذات كفاءة عالية في تنفيذ المشاريع الموكلة إليها، ورغم جاذبية هذا النموذج عند كثيرين، إلا أنه نموذج لاقتصاد استهلاكي هش، مُعرّضٍ طوال الوقت لخطر التأثر بالتقلبات المالية العالمية، غير أنه بلا شك يعتمد على وجود إدارات وأجهزة قادرة على تنفيذ مشاريع بنية تحتية فعالة، وهو أمر يشعر كثير من السعوديين بالحاجة إليه في قضايا أساسية تمس معيشتهم. بدلاً من إلقاء اللوم على ثقافة الناس، لابد من التفكير جدياً في رفع كفاءة الأجهزة البيروقراطية، وقدرتها على تنفيذ مشاريع مفيدة، وحل الإشكالات التي يعانيها الناس، وتطبيق الخطط المعتمدة منذ وقت طويل، والتي لم ترَ النور بعد.