×
محافظة المنطقة الشرقية

لائحة الوسطاء تثير غضب الوكلاء

صورة الخبر

الشيء المؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تكون أول القوى السياسية التي ستدفع ثمناً باهظاً لنجاح المصريين في انتخاب من يمثلونهم في أول مجلس نيابي يجري انتخابه بعد ثورة 30 يونيو، لأسباب من أهمها، أن إجراء هذه الانتخابات في مناخ من الحرية يخلو من أي تدخل إداري، سوف يسفر عن إنجاز الخطوة الثالثة والأخيرة من خارطة المستقبل التي أعلنت في 3 يوليو 2013، ليؤسس - بعد إقرار الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية - لشرعية جديدة تفقد بتأسيسها الجماعة وحلفاؤها، كل أسانيد ادعائها الكاذب، بأنها تمثل هذه الشرعية، وتدافع عنها، وتتصدى لما تزعم بأنه انقلاب عسكري أهدر إرادة الشعب، وعزل من تصفه بأنه أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر المعاصر، لتفقد الجماعة - بالتالي - تأييد كل حلفائها الدوليين والإقليميين، الذين لن يجدوا مبرراً لمساندتها، أو اتخاذ إجراءات تدعم استردادها لهذه الشرعية الوهمية. وأسوأ ما يمكن أن تفعله جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها، هو أن يتجاهلوا هذه الحقيقة، كما سبق لهم أن تجاهلوا غيرها، أو أن يسيئوا - كالعادة - قراءة دلالتها، فيندفعوا بحماقة في الطريق التي قادتهم إلى ما هم فيه الآن، بسبب إصرارهم - منذ البداية - على عدم الاعتراف بالحقائق السياسية والاجتماعية، التي مهدت لثورة 25 يناير، والتي ترتبت على نجاحها، ورفضهم للنصائح التي وجهت إليهم بأن يتوقفوا عن سعيهم للاستئثار بالسلطة، ولالتهام كل ثمار الثورة، وأن يقيموا حكم شراكة وطنية، يتسع لكل القوى التي تسعى لإقامة نظام مدني ديمقراطي لدولة عصرية، حتى تتوقى مصر المصير الذي انتهت إليه غيرها من الشعوب العربية في أعقاب ما سمى بـ ثورات الربيع العربي فتدخل في معمعة الحروب الأهلية. تلك نصائح تجاهلتها الجماعة في أعقاب ثورة 25 يناير، ورفضتها حين لم تستجب للمطلب الشعبي الملح، بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة الذي رفعه ملايين المصريين في تظاهرات 30 يونيو، وحين اعتذر حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية للجماعة - عن المشاركة في اجتماع 3 يوليو 2013، الذي أسفر عن التوافق على خريطة المستقبل وحين أصرت قيادتها على استمرار اعتصام ميداني النهضة ورابعة العدوية على الرغم من كل المحاولات التي بذلت لإقناعها بفضهما سلمياً، وحين شاركت في عمليات العنف الدموي التي أعقبت فضهما، وشملت حرق أقسام الشرطة وقتل العشرات من العاملين فيها، وتدمير غيرها من المباني العامة ودور العبادة، وواصلت منذ ذلك الحين - وعلى امتداد لما يزيد على العامين - المشاركة في موجة من العمليات الإرهابية، شملت اغتيال مئات من رجال القوات المسلحة والشرطة والقضاة وزرع المتفجرات في الطرق العامة وخطوط السكة الحديدية وأبراج الكهرباء وخطوط أنابيب مياه الشرب.. إلخ. وكان وراء هذه الحماقات المتتالية - التي شارك فيها الإخوان المسلمين بأنفسهم، أو بتقديم الخدمات اللوجستية لحلفائهم من الجماعات الإرهابية الأخرى - محاولة من قيادة الجماعة، للتهرب من مسؤولياتها عن الهزيمة الساحقة التي لحقت بها، والتي أسفرت عن خسارتها لكل ما حققته من مكاسب سياسية ضخمة، مكنتها من الحصول - مع حلفائها من جماعات الإسلام السياسي الأخرى - على الأغلبية في انتخابات 2011، ومن الفوز برئاسة الجمهورية، بإيهام أعضائها بأنها ستسرد هذه المكاسب، وستعود - عبر الإرهاب - إلى السلطة مرة أخرى، حتى لا يحاسبوها عن سلسلة الأخطاء السياسية البشعة التي وقعت فيها، والتي كشفت عن افتقادها للخبرة السياسية، وعدم أهليتها لقيادة قرية أو نجع.. فما بالك بدولة في حجم ومكانة وتاريخ مصر. ولم تتنبه قيادة جماعة الإخوان المسلمين، إلى أن المناورة التي تقوم بها، لكي تتهرب من مسؤوليتها عن الهزيمة التي منيت بها الجماعة، بسبب شراهتها للسلطة وعجزها عن ممارستها سوف تنتهي بسلسلة من الهزائم المتوالية بحكم أنها تواجه هذه المرة، كل أعمدة الدولة المصرية، ممثلة في الشرطة والقوات المسلحة والقضاء والإعلام، تساندها - وهذا هو الأهم - جماهير الشعب المصري، إذ خسرت الجماعة، كل ما كان لها من رصيد لدى بعض فئاته، بعد أن تبددت أسطورة الفصيل السياسي الذي لم يتول الحكم من قبل، والذي لم تتلوث يده المتوضئة بفساد، لتكتشف هذه الفئات - خلال الأعوام الأربعة الماضية - أنها أيادٍ لجماعة تتوضأ بالدم ولا تتورع عن حرق الزرع والنسل، وعن المتاجرة بمقدسات الأمة. أما الذي نسيه الجميع، فهو النقطة الرابعة من خارطة المستقبل، وكانت تنص على تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، وصدر بالفعل قرار من رئيس الجمهورية المؤقت آنذاك المستشار عدلي منصور، بتشكيلها من خمسين عضواً، وعقدت اجتماعاً واحداً، قررت فى نهايته تجميد أعمالها، بسبب رفض جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها المشاركة في أعمالها، وإدراك بقية الأعضاء أن تحقيق أي مصالحة مع الإخوان، أمر غير وارد طالما تصر قيادتها على أن ما حدث فى 30 يونيو كان انقلاباً على الشرعية التي يمثلها ذلك الذي يسمونه أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر وتشترط أن تعود هذه الشرعية قبل أي حوار عن المصالحة الوطنية! ولو أن الإخوان المسلمين، قرؤوا دلالة البدء في إجراءات الانتخابات البرلمانية، وفهموا الدلالة الحقيقية لاستكمال خارطة المستقبل، لأدركوا أن الأوان قد آن، لكي يلقوا السلاح، ويكفوا عن العمليات الإرهابية التي يقومون بها، أو يقدموا لمن يقومون بها التسهيلات اللوجستية، حتى يتفرغوا لمحاسبة قياداتهم عن السياسة التي انتهت بجلائهم عن الساحة ويعكفوا على إعادة قراءة وتقييم تاريخهم، لعلهم يعثرون على السبب الحقيقي الذي سيؤدي إلى جلائهم عن هذه الساحة لمدة لا تقل عن 50 عاماً، بعد أن توهموا أنهم سيبقون في الحكم لمدة 500 سنة!.