يدهشني البعض من الآباء والأمهات، عندما يرمون أطفالهم بتهم الكسل والتواني وعدم الجدية أو الإهمال الدراسي أو عدم الاهتمام بالحياة الجادة والتواني عن العمل المثمر المفيد. مرد دهشتي أن هؤلاء الأبناء، هم ثمرة تربية وتعليم وتلقين الأبوين، بمعنى آخر لا يمكن أن يولد طفل متوانياً كسولاً أو حتى شريراً أو أن يوجد طفل مهمل وغير مبال، وأيضاً لا يمكن أن نقول بأن إنساناً قد يأتي بالخير وإنساناً آخر يأتي بالشر، لأن الجميع يأتون للحياة وفق فطرة سليمة وقويمة، ولا يحتاج أي طفل إلا لمساعدته على تعلم الحياة وشجونها وطرقها وكيفية التغلب على مغرياتها وأيضاً العمل بجدية على أخذ زمام المبادرة فيها، وغرس القيم الجميلة والمبادئ الصادقة القويمة النقية. هذا ما يحتاجه كل طفل، فإذا توفرت له التربية الصحيحة والإشراف من الأبوين الصحيح المحمل بالحب والتوجيه الحنون، فإن هذا الطفل سينشأ نشأة خير محملة بالجدية والنظرة للحياة وللمجتمع بإيجابية. هذه المسؤولية في تربية النشء لا يمكن تجزئتها أو الانتقائية فيها، بمعنى لا يمكن أن نلقي اللوم على أي فتاة أو شاب عندما يواجه الحياة وينحرف ويرتكب الأخطاء في بداية مشواره، لأن جزءاً كبيراً من اللوم يقع على عدة مؤسسات حيوية ومهمة في المجتمع، أولاها ، مؤسسة الأسرة فأي خلل في دور هذه المؤسسة يتبعه خلل بالغ يكون له أثر في أي مجتمع ككل، لذا نجد في مدارس العلوم الاجتماعية على اختلافها، اتفاقاً تاماً على دعم الأسرة وتقويتها. هذا الدعم لا يأتي إلا بالتربية والتعليم للأم وللأب، فالتميز والتفوق لأي مجتمع أو لأي أمة من أمم الأرض يبدآن من المنزل ومن الأسرة التي تسكنه. يقول روبين شارما، مدرب التنمية الذاتية الكندي ومؤلف كتاب دليل العظمة: الثمرة لا تسقط بعيداً عن شجرتها أبداً، فأطفالك يشبهونك حتماً أكثر مما تتخيل، يمكنك أن تعين أبناءك على تحقيق العظمة، بأن تصبح دليلهم في الطريق إليها. هناك إرث علمي كبير جميعه يصب ويؤكد هذا الجانب، في عالمنا العربي تسطيح لوظيفة الأسرة أو إذا صح التعبير تجاهل لدورها الحيوي والمهم، أو عدم إلمام عميق وواعٍ بأدوار الأسرة في المجتمع، وهذا التسطيح ينسحب على كافة مفاصل وأجزاء المجتمع، فالضعف في دعم الأسر يعني أن المجتمع ككل سيعاني بطريقة أو أخرى من تفكك وتخلخل جسيم وكبير على المدى البعيد، وهذا سيحد من التطور وسيعيق معظم برامج التنمية، ويسبب عثرات اقتصادية جسيمة. الأسرة هي النواة والحاضنة لفتيات وشباب المستقبل، وعلينا أن ندعمها ونقوي من شأنها وننزلها المكانة التي تستحقها. www.shaimaalmarzooqi.com Shaima.author@hotmail.com