×
محافظة المدينة المنورة

السليم يلتقي رئيس هيئة التحقيق والادّعاء العام بالمدينة

صورة الخبر

ما حدث في العالم العربي خلال الأعوام الخمسة العجاف، تحول في بعض الحالات إلى ضارة نافعة، فقد صحت شعوب من غيبوبة الشعارات التي أصابتها بالدوار، وعزفت على أشد أوتارها حساسية؛ من الحرية حتى الرغيف، لهذا قد تتردد طويلاً قبل أن تدس أصابعها في الجحر ذاته كي لا تلدغ للمرة الألف. فالحق الذي يراد به باطل، له محترفون يعرفون أين تقع أشد النقاط ضعفاً في العقل والقلب معاً، لهذا لا يسمون الفوضى باسمها بل يلصقون عليها أقنعة، توهم الناس بأنها الحرية في أقصى تجلياتها وإشراقاتها، وما كنا نسمعه ونشاهده على مدار الساعة قبل أعوام، أحدث حالة من التشوش والخلط بين المفاهيم، بحيث أصبح فك الاشتباك بينها مهمة عسيرة، ومن ذلك على سبيل المثال فقط، الخلط بين مفهومي الدولة والنظام السياسي، ما أدى إلى تهشيم دول وتفكيكها وتحولها إلى ميليشيات تخضع لأجندات لا علاقة لها بما هو وطني ومصيري! فهل تلقحت الشعوب بالفعل ضد تكرار اللدغ؟ أم أن هناك من الحواة واللاعبين بالبيضة والحجر مَنْ يراهنون على إيقاعها مرات أخرى في الفخ ذاته، الأرجح إذا احتكمنا إلى القرائن التي تسود الآن، هو أن مثل هذا الرهان لن يكون رابحاً على المستوى الأبعد، لأن الممارسات افتضحت النوايا، وأوضحت بما لا يقبل الشك أن المطلوب هو عالم عربي متعدد الهويات والاستراتيجيات، وبلا حد أدنى من الأمن القومي، بحيث يصبح داجناً وقابلاً لاستثمار ما لحق به من دمار من دون أية مناعة. وحين يقال إن هناك شعوباً وقعت في الفخ، وابتلعت الطعم مقابل أخرى نجحت، فإن ذلك يحتاج إلى قدر من التأمل، لأن النظم السياسية لم تكن متجانسة بحيث يتكرر ما يحدث في مكان معين في الأمكنة كلها، لكن من قدرت لهم النجاة حفظوا الدرس جيداً، ولم يستخفهم الطرب، بحيث يرقصون من شدة الألم كما حدث للطائر الذبيح! إن ما قُدم لنا كعرب من عينات تتجسد فيها الفوضى الخلاقة يكفي النقض أطروحات ملفقة ومصنعة بعناية استراتيجية فائقة، خصوصاً إذا سلمنّا بأن الأمور تقاس من خلال نتائجها، ولن ينتظر حتى الحمقى من البعوض أن يفرز العسل، أو من سحابة الدخان أن تمطر! ومن تبنوا نظرية في الحركة بركة فاتهم أن التغيير مشروط برؤى ومناهج، وأن خطواتٍ إلى الوراء ليست من البركة في شيء، لأنها استبدال للرمضاء بالنار!