×
محافظة المنطقة الشرقية

مغرور وشايف نفسه!

صورة الخبر

هو مثل مشهور، فالقاضي هو المنصف المفروض وهو الذي يطلق الله الحق على يديه، لذلك تسعى معظم الدول لاستقلالية القضاء من ناحية ولتوفير سبل العيش الكريم للقضاة، وبعضها تصدر قوانين صارمة بشأن رواتب وبدلات القضاة بحيث لا يضطر القاضي للتملق أو المحاباة. في بريطانيا حيث الصرامة في القضاء، لا يحق لرئيس الوزراء ولا الملكة، ترشيح القضاة للمحكمة العليا ولكن ترشحهم هيئة مستقلة تماما. رواتبهم عالية جدا بحيث تتعدى رواتب قضاة المحكمة العليا راتب رئيس الوزراء ذاته. وتحدد الرواتب هيئة مستقلة، كما يمنع القاضي من ممارسة أي نشاط آخر غير القضاء. وملاحظة ثانية يُكشف عن سجلاته المالية قبل التعيين. لا تحدد مدة المنصب وهم معينون مدى الحياة فلا يحق إقالتهم. ويتمتع القاضي بحصانة، ولا يجوز ملاحقته فيما صدر منه في المحكمة. القاضي يكون وصل لدرجة العلم في القانون أعلى الدرجات، ويكون قد مارس المحاماة لمدة لا تقل عن عشر سنوات.. ولا يختلف ذلك في أغلب الدول التي تفصل القضاء عن السلطات الأخرى فلا السلطة التشريعية ولا التنفيذية لها سلطة عليها. وكما قلت لكنه نظام صارم في بريطانيا أشد من غيرها. العشر سنوات هنا هي مربط مقالي هذا اليوم عن المحامية والمحرم، فحين يكون القاضي قد مارس المحاماة مدة عشر سنوات ، يكون قد تمكن جيدا من الأنظمة والقوانين من جهة وسبر أغوار المحاكم والقضاة، بمعنى هو قد مر بمرحلة تدريب قوية، أضف لذلك جزالة الرواتب حيث تكون أكثر من دخله من المحاماة وثابتة، ناهيك هو آمن في عمله.. القاضي يتجرد من مشاعره العاطفية وانتمائه السياسي والحزبي .. وعندما يشك في ذلك فإنه غالبا يستقيل ويعود للمحاماة.. القاضي الذي طرد المحامية لأن ليس معها محرم، هو خضع لإنتمائه الشخصية العاطفية فيرى المرأة بحاجة لحامٍ حتى ولو كانت محامية. وهذا الحامي الذي ظهر للنساء كسد منيع ضد العمل والعلم في كثير من الأحوال بعثة بمحرم وعمل بمحرم وتجارة بوكيل. لابد من وقوفنا قليلا هنا والقول هذا الحامي هل يحميها في مركز العدالة!! ومن من ؟ هل يخشى القاضي منها!! وسط هذا الوجود الكثيف للرجال والنساء من متقاضين ومحامين وكتبة. أم تراه يخشى عليها، وهي خشية ليست في موقعها فالمفروض المكان آمن بل هو أكثر أمانا من أي مكان آخر عدا بيوت الله. بما ان الأشياء ترتبط ببعضها فالسيدة المحامية درست وتعلمت وغالبا المحاميات درسن وتدربن في بيئات مختلطة وعرفن كيف يرتبن أوضاعهن ويضعن مسافة بينهن وبين الزملاء الذكور بدون حاجة لوصاية ووجود محرم معهن، فكيف في المحكمة وهي مركز العدل والسلام!!.. كيف يمكن أن يستمع القاضي لمرافعة ودفاع المحامية وهو لا يعترف بها إلا ضمن المحرم بمعنى يراها ناقصة .. هذه واحدة، الثانية هو أخل بمتطلبات عمله ووظيفته. فكيف بقاض يعمل على تميز على أساس الجنس، وكيف بقاض لا يعترف بشهادة المحامية ولا بتصريح الوزارة التي يتبع لها، ولا بالوثقية الوطنية التي تحملها. لنا ان نتصور كيف ستجري المحاكمة وولي الأمر قابع على كرسيه يشد نظرة (للحرمة المحامية) زوجته أو أخته أو ربما أمه وقد تعدى الخمسة عشر. من ترك درسه ومن ترك عمله ومن أخذ إجازة غير مدفوعة ليبقى مشهرا عضلاته بمن يمس هذه المحامية بشر .. ومن ثم يقوم المدعي العام بتوجيه سؤال شديد للمحامية، لا نعلم كيف ستكون ردة الفعل، ومن ثم ما حال المحاكمة وقضايا الناس، إلا إذا كان فكرة القاضي هي أن السيدات المحاميات مرتبطات بقضايا الأسرة، وبالتالي تتأخر تلك القضايا كما شاء لها، فلا عجلة في أطفال يعذبون ولا سيدات يعنفن. وزارة العدل لابد أن تؤكد على حق المحامية بالعمل والترافع وعدم حصرها في قضايا الأحوال الشخصية فقط، وعليها أن تغربل أنواع قضاتها، فليس من حق قاضٍ طرد محامية بتصريح وبوثيقة وطنية وبقسم ما لم تأتِ بعمل أو قول يؤثر على سير القضية أسوة بالمحامي الرجل .. أما تميز عنصري وتقليل من قدرها، فعلى وزير العدل المساعدة على قيام العدالة الحقة.. حتى لا نضطر للقول (إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي) ..