×
محافظة المنطقة الشرقية

عواكيس

صورة الخبر

الأستاذ عطاء الله مهاجراني، من أرقى المثقفين الإيرانيين الذين تشرفت بمعرفتهم، هو زميل لنا في هذه الجريدة، ومقالاته تتسم ببهاء المعاني ورشاقة المباني. كتب في الجريدة مؤخرا، مقالة مميزة حول العلاقات السعودية الإيرانية، قيمة كلام الأستاذ مهاجراني تأتي - مع اعتبار وعيه الرصين - من كونه مسؤولا سابقا في الجمهورية الإسلامية، فقد كان وزيرا للثقافة. خلاصة ما ذكره مهاجراني هو أنه لا مناص من تقارب سعودي إيراني لحل مشكلات المنطقة، وأن هذا التقارب هو مفتاح الحل للمشكلات كلها، وأن ثمة تاريخ ثقة يمكن البناء عليه. هو ركز - عن حق - على جهود الرئيس السابق رفسنجاني، فهو «أيقونة» التودد مع السعودية، خاصة مع خادم الحرمين الملك عبد الله، منذ اللقاء الشهير في قمة السنغال الإسلامية، حين كان الملك عبد الله وليا للعهد، ثم استمرار هذه العلاقة الودية متوجة بقمة طهران 1997 التي دعمتها السعودية. الملك عبد الله ردّ التحية بأحسن منها، وبادر إلى تعميق هذه العلاقات مع إيران، رغم الخلاف بين سياسات السعودية وسياسات إيران الثورية، والتي كان من مظاهرها، لا مظهرها الوحيد، الحرب العراقية الإيرانية. 1998 استقبلت السعودية هاشمي رفسنجاني، وعائلته لأداء العمرة والزيارة، وكان وعائلته موضع ضيافة خاصة من الملك عبد الله، وحين تهور خطيب بالإساءة للطائفة الشيعية أمام رفسنجاني، عوقب فورا بالإيقاف. وكان نهج الملك عبد الله هو فتح الحوار على المستوى المذهبي بين الشيعة والسنة، وعلى المستوى السياسي مع إيران. ليست السعودية، وتحديدا الملك عبد الله، السبب في الانصراف عن إيران والشك بها، بل سياسات إيران نفسها وذيولها في المنطقة. على ذكر حزب الله اللبناني فقد انفلتت أعصاب أمينه حسن نصر الله قبل أيام وهاجم السعودية بضراوة، تبخّرت دبلوماسيته المعتادة، لكن الجميل أن نصر الله قال في لحظة «كشف صوفي» كما جاء في قناة «أو تي في» اللبنانية: «مشكلة السعودة مع إيران لست مذهبة». يقصد أنها مشكلة سياسية وصراع مصالح. وهذا بالضبط ما يجب أن يحصر النقاش فيه، المشكلة في الدنيا لا في الدين، لكن رهط نصر الله في كل مكان يعطون الخلاف طابعا دينيا، ومثلهم في الضفة السنية، لتترسخ المشكلة عميقا. دول خليجية رحبت بـ«رائحة» التحول الإيراني مع روحاني، والكل يتحدث عن السعودية، من نبيه بري إلى ظريف إلى نصر الله. ولكن ما من سؤال عن ملفات الخلاف الحقيقية حول سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين؟ الخلاف حقيقي وعميق، لكن ما من شيء غير قابل للتفاوض، بشرط «سلامة النوايا» كما قالت السعودية. المشكلة فيما «لا» يقال وليس فيما يقال!