في عام 1989م كانت كوريا الجنوبية على موعد جديد مع التنمية والمستقبل تمثل ذلك في تصميم وتنفيذ المرحلة الأولى لمدينة متخصصة بصناعة الكتاب على مساحة كيلو ونصف تقريباً وتبعد عن العاصمة سيول 30 كيلو متراً. تقع مدينة باجو للكتاب على نهر هان، وصممت كمدينة اقتصادية خاصة بتصميم وإنتاج وتوزيع الكتب، شملت أكثر من 100 برج و200 دار نشر ومقاهٍ ومتاحف ومركز للمعارض ونجحت في خلق عشرة آلاف فرصة وظيفية وتنظيم عدد كبير من الفعاليات بما في ذلك معرض سنوي للكتاب ونتيجة لمثل هذه الاستثمارات يزور المدينة سنوياً أكثر من 450 الف زائر وتحقق إيرادات أكثر من مليار دولار أميركي سنوياً. أهمية المدينة تتمثل بشكل في تطوير صناعة النشر في كوريا الجنوبية ومن الصعب فصل أثر هذه المدينة عن النتائج التي يحققها طلاب كوريا الجنوبية في التصنيفات العالمية خلال السنوات الماضية والتي إحدى تلك المؤشرات متخصص بمعدلات القراءة فضلاً عن التطور الاقتصادي الذي تحققه كوريا الجنوبية. أكتب هذا المقال لإيضاح أن الطريقة الأسرع للنمو الاقتصادي هو رفع معدلات القراءة الحرة في المجتمع كمكون رئيس من مكونات التعليم وهذا ما يؤكده معهد التعليم بجامعة لندن والذي نشر دراسة تشير إلى أن الطلاب الذين يمارسون القراءة الحرة يحققون نتائج دراسية أعلى بكثير من أقرانهم الذي يكتفون بقراءة كتب التعليم النظامي، ومثل هذه الدراسة تثير تساؤلات هامة حول خطورة الاكتفاء بالتعليم النظامي على الأجيال وأهمية القراءة الحرة للتفوق في التعليم النظامي فضلاً عن الإبداع وتطوير المهارات والنجاح في الحياة عموماً، لذلك من المهم إعداد خطة متكاملة لتعزيز القراءة الحرة في المجتمع تأخذ بعين الاعتبار تشجيع الأسر، وتعزيز القراءة لدى الأطفال دون سن التعليم النظامي، وعلى أن تقوم وزارة التعليم بإضافة مادة متخصصة تعنى بالقراءة الحرة تتيح من خلالها للطلاب زيارة مكتبة المدرسة واختيار كتب ملائمة حسب رغبات الطلاب لقراءتها وهي ممارسة دارجة في بعض أنظمة التعليم حول العالم. الخلاصة: لابد من قياس الأثر الاقتصادي لتأسيس مدينة متخصصة بصناعة الكتاب والاهتمام بتعزيز معدلات القراءة الحرة في المجتمع فهي الخيار الأهم والأقل تكلفة لنمو المجتمع وتنوع خياراتنا المستقبلية.