×
محافظة المنطقة الشرقية

4.3 مليار ريال لتنفيذ 4 مشاريع كهربائية جديدة

صورة الخبر

كثير من المؤسسات والمحلات التجارية بمختلف أنشطتها في أسواقنا تخضع لمستويات متعددة من المُلاك، فنجد أن هناك مُلاكا نظاميين لهذه المحلات؛ فالمحل باسمه أمام الجهات المسؤولة عن منح الرخصة، وغير ذلك من الإجراءات النظامية الأخرى في البداية، وهناك مستوى آخر من الملكية "شبه المالك"، وهو الذي يتولى الإشراف على هذه المحلات ومتابعتها عن بعد مع العمالة التي تعمل بها، وفي الغالب يكون المالك النظامي من أقارب، أو أصدقاء شبه المالك الذي لا يستطيع أن يزاول أي عمل تجاري باسمه لأنه موظف حكومي، أما المالك الحقيقي لهذه المحلات التجارية فهو العمالة الوافدة التي تعمل فيها تحت غطاء نظامي في البداية، وبمتابعة وحماية شبه المالك الذي يعمل في أحد القطاعات ويتابع هذه المحلات ويقف مع العمالة في حالة حدوث أي مشكلة، أما المالك النظامي فهو في الغالب لا يكون له نصيب من الدخل، بل يحصل شبه المالك على مبلغ زهيد شهريا مقابل الإشراف على هذه المحلات، أما الدخل الكلي فهو للمالك الحقيقي (الوافد) الذي يعمل هو وأقاربه، وأبناء جلدته في هذه المحلات، وقد نجد أن وافدا واحدا لديه أكثر من محل، أو فرع في النشاط نفسه، وهنا أرى أن كفلاء هؤلاء العمالة هم من أهم عوائق تحقيق أهداف السعودة من خلال إتاحة الفرصة للعمالة لكي تعمل لحسابها الخاص، وعدم إتاحة الفرصة أمام المواطنين للعمل في هذه المحلات. وقد يتساءل البعض عن كيفية حدوث هذه المستويات المعقدة من الملكية لكثير من المحلات، فسيناريو ذلك كما يلي: يقوم الموظف الحكومي بالاستعانة بأحد أقاربه، أو معارفه لفتح سجل تجاري باسمه، واستقدام العديد من العمالة؛ بحيث يتم الحصول على ترخيص النشاط التجاري، وتأشيرات الاستقدام باسم زوجته، أو والده، أو والدته، أو أخته، أو صديقه ـ أو أخيه الذي لا يعمل في القطاع الحكومي، وأغلب من يتجه في هذا الاتجاه من النشاطات التجارية المختلفة هم موظفو القطاعات الخدمية المختلفة، ويكون هناك استغلال لمواقعهم الوظيفية في تسهيل بعض الإجراءات لهذه النشاطات، ولذلك نجد أن هناك محلات لديها مخالفات ولفترات زمنية طويلة، مثل: عدم وضع الترخيص في مكان بارز من المحل التجاري، أو أن الترخيص منتهي الصلاحية ولم يتم تجديده، أو المحل يفتقر إلى إرشادات السلامة، أو أن العامل في هذه المحلات على كفالة شخص آخر، وغير ذلك من المخالفات، ولا تتم متابعة هذه المحلات ومراقبتها بشكل دوري ومنتظم، لأن أصحابها أو المسؤولين عنها لديهم مصالح مشتركة مع بعض العاملين في المتابعة والرقابة، وقد يتغاضون في كثير من الأوقات عن المخالفات، أو يعطونها مُهلا طويلة الأجل، ولا يعمدون إلى مخالفة هذه المحلات حسب الأنظمة المحددة لتلك المخالفات، وهنا ينطبق المثل الذي يقول: "امسك لي وأقطع لك". والأمثلة على ذلك عديدة، فنجد أن كثيرا من محلات الأطباق الفضائية بأسماء نظامية، ولكن المالك غير المباشر هو موظف في القطاع الحكومي، أما المالك الحقيقي لهذه المحلات فهو العمالة الوافدة التي تكسب أموالا طائلة من هذه المحلات، وتستحوذ على الدخل منها، وعند مناقشة هذه العمالة نجد أنها "تضرب بعصا غيرها" كما يقال، ومعتمدة على نفوذ أو مواقع شبه المُلاك في حل مشكلاتها، كما نجد أن العديد من الورش في مدننا الصناعية يشرف عليها بعض موظفي قطاعات خدمية معينة بأسماء أقارب لهم، وهم من يحلون المشكلات النظامية، والمخالفات لهذه الورش حين ظهورها، والفائدة في النهاية للعمالة الوافدة، وهذه الورش تدر ذهبا على هذه العمالة، كذلك نجد أن كثيرا من صهاريج نقل المياه، وتوزيعها لموظفي القطاعات المسؤولة عن المياه في مناطقنا المختلفة، ونجد أن بعض السيارات التي تعمل في نقل المياه لهذه الفئة لا تخضع لبعض الأنظمة في توزيع المياه، وتدخل المحسوبيات عند مخالفتها، كما يفرح بعض العاملين في هذا القطاع بأي عطل في شبكات التوزيع، أو خطوط التغذية لأن ذلك يرفع أسعار الصهاريج، وتكون هناك سوق سوداء للمياه في مثل هذه الحالات، وقد لا يهتمون كثيرا بالاستعجال في حل المشكلة؛ لأنها إذا طالت المدة زادت أسعار الصهاريج في السوق، وهنا تنطبق المقولة "مصائب قوم عن قوم فوائد"؛ فالمشكلات التي يعاني منها المواطنون في انتظار صهريج الماء تعد مصيبة للمواطن، لكن فيها فوائد لأصحاب هذه السيارات، كما أن كثيرا من صوالين الحلاقة في مدننا ومحافظاتنا يملكها بعض موظفي القطاعات الخدمية بطرق غير مباشرة من خلال الحصول على التراخيص النظامية لممارسة مثل هذه الأنشطة بواسطة أقارب لهم، وتستمر هذه المحلات لفترات طويلة وهي مخالفة، ولا يتم التركيز عليها في حملات التفتيش لأنها معروفة لدى المراقب بأن ملكيتها تعود إلى زميل المهنة، أو العمل، والأمثلة على مثل هذه الأنشطة التجارية التي هي بحاجة لتصحيح كثيرة. وهنا أقترح على الجهات المسؤولة عن التراخيص أن تدرس إمكانية إعطاء الموظفين الفرصة لمزاولة الأعمال التجارية الخاصة وفق ضوابط يتم تحديدها، ويتم تطبيقها، والالتزام بها؛ إذ إن منعهم من مزاولة التجارة جعلهم يسلكون طرقا غير مباشرة من مالك نظامي إلى شبه مالك إلى مالك حقيقي، وهذا فيه التفاف على النظام، وتستر، أما الجهات الرقابية فقد يكون من المناسب أن تقوم بحملات المتابعة والمراقبة لهذه المحلات لجان مراقبة مؤقتة يتم تشكيلها من محافظات، ومناطق خارج المحافظة، أو المنطقة بصفة دورية، ولا تكون هناك مراقبة من قبل الزملاء لمحلات زملائهم في العمل، وبذلك نضمن أن يتم تصحيح أوضاع هذه المحلات، والمؤسسات بشكل نظامي سليم، ويتم التخلص من استحواذ العمالة الوافدة على مبالغ كبيرة، والمواطنون أولى بها.