عشقت الطالبة في كلية الطب بثينة العباد الشهادة، فقبل شهر كانت تغبط شهداء الرافعة في الحرم المكي الذين خُتمت حياتهم في يوم الجمعة بأطهر بقعة. وقبل أشهر شاركت بثينة في تشييع وعزاء شهداء العنود، ولم تعلم أن شرف الشهادة ينتظرها. بثينة العباد كانت تترقب تخرجها من كلية الطب في السنة الخامسة، لكن الله شاء أن يحتفي بها الوطن لتكون «أول متوفاة» على يد الدواعش، في العملية الإرهابية التي تعرضت لها الحسينية الحيدرية في حي الكوثر في مدينة سيهات، التي راحت ضحيتها برفقة أربعة آخرين. جعفر العباد (عم الفقيدة) يسترجع ذكرياتها، ويقول بتنهيدة ألم وفخر في آن: «كانت تطمح لخدمة الإنسانية والوطن عبر التحاقها بكلية الطب، ورفضت الالتحاق بشركة أرامكو السعودية لتحقيق هدفها ورسالتها في خدمة ومساعدة المرضى». وبغصة ألم الفراق وفرحة الشهادة يقول العباد: «إن بثينة كان ترتيبها الثانية في أسرتها، وأكبر أخواتها»، مشدداً على علاقتها بإخوانها وأخواتها والتي وصفها بـ«الوثيقة جداً»، مشيراً إلى أنها كانت محبة لوالديها، وكان أبوها ينظر إلى الدنيا عبرها لتفوقها وطموحها وبراعتها في التحصيل العلمي. ويستذكر العم طفولتها، قائلاً: «عاشت طفولتها في مناهجها الدراسية ووسائل التعليم المختلفة التي حرص والدها على توفيرها لها لعلمه بقدرتها وطموحها»، منوهاً إلى «طبيعتها الخجولة في التعامل مع من يكبرها عمراً، وخصوصاً أقاربها من الأعمام والأخوال والعمات والخالات، إذ كانت علاقتها بهم ملؤها الاحترام والتقدير والاهتمام». وعن وقع خبر وفاتها على أسرتها، أجاب أنه كان في إحدى المجالس الحسينية، وجاء خبر إصابتها، فقال: «ظننت أنها إصابة تدافع، ولم أكن أتوقع أنها إصابة رصاص ووفاة، وعند وصولي إلى المستشفى علمت بخبر وفاتها، فحمدت الله، ولم ير مني أي جزع، وبدأت أزف البشرى إلى الأقارب الذين ما برحوا يعاودون الاتصالات للاطمئنان عليها». وأضاف: «الجميع في الأسرة مستبشر باستشهادها، ونحن على ثقة تامة أنها شفيعة لوالديها، فأنا أنظر إلى عيون أبيها وكأنه مستبشر بأنه رآها بأفضل حال من رؤيتها بعباءة التخرج، فبدلاً من زي التخرج لبست الكفن الذي قلدها وسام العزة والشرف».