وسط شلل حكومي وحوار وطني مستمرّ بتباطؤ في مجلس النواب وشغور رئاسي مسدود الأفق منذ أكثر من سنة ونصف، تبقى مسألة النزوح السوري إلى لبنان أولوية مع بلوغ عدد النازحين المليون والمائة ألف نازح ومع قدوم فصل الشتاء الذي تظهر تباشيره بأنه سيكون قاسيا. ولم ينتج الاجتماع الثالث للمجموعة الدّولية من أجل لبنان في نيويورك سوى دعم سياسي فحسب بالرّغم من المستوى الوزاري الرفيع الذي ميّزه. وتحظى مسألة النزوح السوري إلى لبنان باهتمام المنظمات الدولية التي تشكو من شحّ في التمويل وفي مقدّمتها برنامج التغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الذي خفّض الحصّة الفردية للنازح السوري إلى 13 دولارا شهريا بعدما كانت قرابة ال23 دولارا في العام الفائت. وتحاول دول عدّة زيادة مساعداتها للنازحين ومنها الولايات المتحدة الأميركية التي تبدي استعدادا لذلك بالرغم من أنها تموّل أيضا برنامجا طويل الأمد لتسليح وتدريب الجيش اللبناني، أما الأوروبيون فلا يبدون الكثير من الاهتمام بسبب المشاكل المالية من جهة وبسبب انشغالهم من جهة ثانية بمعالجة تدفق السوريين إلى بلدانهم بالرغم من ضآلة الأعداد قياسا بما هو موجود في دول الجوار السوري، علما بأنّ آخر الإحصاءات تقيد بأنه من أصل ألف لبناني ثمّة 232 سورياً، أما في الأردن فالعدد 87، وتركيا 21 سورياً بين كلّ ألف مواطن. في هذا الإطار، قال مصدر دبلوماسي أميركي ل"الرياض" بأنّ لبنان سيحظى أيضا بمزيد من المساعدات الأميركية كما أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اجتماع المجموعة الدولية من أجل لبنان في نيويورك حيث أكد أن بلاده ستقدّم مبلغا إضافيا بقيمة 75،5 مليون دولار من المساعدات الإنسانيّة إلى لبنان، ليصل مجموع ما قدّمته منذ بدء الصراع السوري إلى 964 مليون دولار. وتتعامل الولايات المتّحدة بهدوء مع أزمة النزوح السوري المستمرّ منذ اندلاع الحرب السورية في 2011، ويعترف دبلوماسيّوها بقدرة لبنان الاستثنائية وغير المألوفة على تحمّل أعباء أكثر من مليون ومائتي ألف نازح سوري مسجّلين، ومنذ عام 2012 وفّرت الولايات المتحدة مبلغ 889 مليون دولار أميركي لدعم المجتمعات اللبنانية المحلّية والنازحين الهاربين من العنف. ويقول المصدر الأميركي ل"الرياض" بأنّ زيادة أميركا لمساعداتها الإنسانية معطوفة على جهودها السياسية لحلّ الأزمة السورية ودعم دول الجوار ومنها لبنان وجيشه عوامل ستساعد في دفع السوريين الى العدول عن ترك سوريا أو العودة الى منازلهم حين ينتهي الصراع الدائر.