اختتم مساء الخميس بمقر وزارة الخارجية الألمانية في برلين مؤتمر دولي استغرق يومين وناقش وضع إستراتيجية دائمة لحفظ وحماية مخطوطات تمبكتو بعد نقلها إلى عاصمة مالي باماكو، وذلك إثر تعرضها للتهديد وتلف بعضها خلال القتال عام 2012. وعقد المؤتمر الذي افتتحه وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بمشاركة منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (يونسكو)، وعدد من الوزراء الماليين، وخبراء بحماية التراث من دول عربية وأفريقية وأوروبية، ومجموعة من المانحين الدوليين. واتفق المشاركون في المؤتمر على وجود حاجة عاجلة لتوفير وسيلة للحفظ الدائم لأكثر من 285 ألف مخطوطة من تمبكتو بعد نقلها من المدينة الواقعة شمالي مالي -حيث حفظت في مناخ جاف منذ القرن الثاني عشر الميلادي- إلى باماكو التي يهدد مناخها الرطب هذه المخطوطات بالتلف. مشروع عملاق ودعت وزير ثقافة مالي أنجاي رحمة الله جالو إلى تنفيذ مشروع عملاق للحماية الدائمة لمخطوطات تمبكتو، مشيرة إلى أن هذه المخطوطات -التي صنفتها منظمة اليونسكو ضمن الإرث الحضاري للإنسانية- ذات أهمية بالغة لبلادها وهويتها ولتاريخ أفريقيا والإنسانية. وربط ممثل اليونسكولازارا أولاوندو بين مخطوطات تمبكتو بالحضارة التي تأسست بهذه المدينة الواقعة على ضفاف نهر النيجر في القرن الثاني عشر الميلادي، وحولتها إلى قبلة للباحثين والعلماء والدبلوماسيين من شتى أنحاء العالم، وقال إن هذه المخطوطات دللت على الازدهار العلمي والثقافي وأثبتت أن ريادة أفريقيا حاصلة في ثقافة التدوين وليس ثقافة المشافهة وحدها. شتاينماير: مشاركة ألمانيا بحفظ المخطوطات تعكس التزامها بحماية الإرث الثقافي العالمي (الجزيرة) وعنأهمية مخطوطات تمبكتو، أوضح الباحث بمعهد دراسة المخطوطات بجامعة هامبورغ الألمانية ديميتري بونداريف أن هذه المخطوطات تمثل توثيقا للتاريخ والعلوم والآداب في باماكو ومالي وجوارهما الأفريقي والعربي من القرن الثاني عشر الميلادي حتى القرن العشرين. وأشار بونداريف -الذي شارك معهده بمشروع نقل مخطوطات تمبكتو وحفظها حاليا بباماكو- إلى أن المخطوطات كتب معظمها باللغة العربية وجزء منها باللغات الأفريقية كالسونغاي والتامشيك والبامبارا، وغطت موضوعات متنوعة مثل العلوم الدينية والطبيعية والفلسفة ورسائل دبلوماسية وكتب سياحية وتقارير اقتصادية والطب والفلك والشعر والموسيقى وغيرها. تراث إنساني وذكر الباحث أن مخطوطات تمبكتو كانت موزعة بالمدينة على مكتبات خاصة وعامة، وهي تكشف تفاصيل كثيرة عن التطور الحضاري بأفريقيا وعلاقته بالجوار العربي والعالم الإسلامي الكبير. وأوضح بونداريف أن مخطوطات تمبكتو نقلت في أكثر من مائتي صندوق وحفظت بمكان مؤقت في باماكو بعد استيلاء تنظيمات مسلحة على شمال مالي، ورأى أن تنظيف هذه المخطوطات من الأوساخ والفطريات وترقيمها وأرشفتها وحفظها بمقر آمن دائم يمثل مشروعا ضخما وهذا يحتاج شبكة واسعة من المانحين الدوليين المهتمين بحماية التراث الإنساني. من جانبه، قال رئيس قسم الثقافة بالخارجية الألمانية أندرياس غورغين إن مشاركة بلاده مع مؤسسات دولية أخرى -مثل مركز الفرقان بلندن ووقفية غيردا هينكل الألمانية ومؤسسة جمعة الماجد الإماراتية ومؤسسة "آغا خان"- في مشروع إنقاذ مخطوطات تمبكتو ونقلها إلى باماكو تأتي من التزامها بحماية التراث الإنساني في العالم ودعم الثقافة في أفريقيا.