من أفضل الأفلام الأمريكية لهذا العام والتي حازت على إعجاب نقدي عال حتى الآن هو فيلم التحريك الكوميدي "The Lego Movie ". هذا بالإضافة إلى نجاحه الجماهيري، فقد حقق الفيلم في شباك التذاكر ما يتجاوز 460 مليون دولار, وهو ما دفع شركة الإنتاج إلى الإعلان عن نيتها في إنتاج الجزء الثاني من الفيلم في عام 2017. وقد تميز الفيلم بالمواقف والحوارات المضحكة وبمستويات السرد المتعددة، حيث يتكشف البعد الرمزي له بشكل أكبر قرب النهاية. ولذلك فهو صالح لكل أفراد العائلة حيث سيستمتع الكبار بالكوميديا إضافة إلى التساؤلات التي يطرحها, فيما محبو لعبة الليجو من الأطفال سيفرحون بمشاهدة العوالم المتعددة لهذه اللعبة، فكل شيء في الفيلم مصنوع من هذه اللعبة الشهيرة حتى أمواج البحر والدخان والحريق يأخذ شكل الليجو، بل وحتى برامج التلفزيون التي يشاهدها شخصيات الفيلم هي أيضاً من الليجو. وقد تم استخدام تقنية الستوب موشن لصناعة هذا الفيلم بالإضافة إلى تقنية التحريك الثلاثي الأبعاد؛ وهي تقنية مناسبة جداً لطبيعة الليجو وإمكانية قبول المشاهد لحركته, وما أكمل المتعة والإتقان هو الأداء الصوتي المميز لكل الممثلين. يبدأ الفيلم بقصة معروفة وقديمة قدم التاريخ، فهناك الحاكم الشرير الملقب ب"سيد الأعمال" (ويل فيريل) والذي يريد اختراع سلاح فتاك يسمى "الكريجل" سيثبت فيه العالم بالشكل الذي يريده ولن يستطيع أحد أن يتحرك أو يغير أي شيء، في حين أن هناك قلة قليلة تريد إنقاذ العالم من هذا السلاح الشرير ويطلق عليهم اسم "البنائين المعلمين" وهم كل من يمتلك الخيال والإبداع والذين ضيق عليهم هذا الديكتاتور ولاحقهم لأنهم يخلقون الفوضى وبنى جدراناً عازلة ليزيد من قدرته على التحكم في مواطنيه. يظهر ساحر في بداية الفيلم اسمه فيتروفيوس (مورجان فريمان) ليقول ل "سيد الأعمال" بأن هناك نبوءة تقول بأنه سيظهر شخص يسمى "المميز"، وأن هذا الشخص سيجد قطعة المقاومة التي تلغي هذا السلاح. بعد مرور ثماني سنوات ونصف على إعلان فيتروفيوس لهذه النبوءة، نشاهد إيميت (كريس برات) يقضي يومه، وهو يبدو عامل بناء عادي يتبع التعليمات بالحرف في عمله، ويقابل بعد انتهائه من العمل فتاة تدعى وايلد ستايل (إليزابيث بانكس) وبطريق الصدفة، يعثر على قطعة المقاومة لتختفي بعدها من قاموسه كلمة "التعليمات" ويبدأ رحلة أخرى في التفكير والعمل. لا شك أن من يشاهد الفيلم يتساءل أحياناً أهو دعاية لمنتج الليجو وللّعبة التي تعتمد في حد ذاتها على الابتكار والإبداع وهو ما يقاوم البناؤون المعلمون من أجله، أم أنه فيلم مصنوع بشكل مختلف وجديد ويروي حكاية ممتعة مليئة بالحوارات والمواقف الكوميدية الظريفة لعالم من الليجو يحضر فيه شخصيات كثيرة من شكسبير إلى سوبرمان, ومن السحرة والحكماء القدماء كفيتروفيوس "وهو اسم يعود لمؤلف روماني ومعماري عاش في القرن الأول قبل الميلاد" إلى باتمان وغيرهم كجزء من عالم المبدعين، وهو ما يعطي البعد بأن الحكاية تتكرر منذ الأزل وحتى الآن. أما عن نهاية الفيلم ووجود عالم داخل عالم آخر فتطرح تساؤلات أعمق وأكبر. فهل يرمي صناع الفيلم إلى فكرة العوالم المتوازية أم العوالم الافتراضية والعوالم المادية؟ أو أن الاختلاف العالميين يحكيان القصة بأكثر من وجه وأحدها هو بين التجديد الذي يعطي معنى الانطلاق والطفولة والذي يقابله على الجمود والكبر في السن حيث الرغبة في الاستقرار تطغى على أي رغبة في التجديد والابتكار, وبذلك فمعنى الخير والشر يأخذ أبعاداً أكبر بكثير مما تبدو أولاً في الفيلم. إضافة إلى كل ذلك هناك إحالات كثيرة لعدة أفلام موجودة داخل الفيلم وربما أشهرها وأوضحها The Matrix. أما أغنية الفيلم Everything Is Awesome فلا شك بأنها أغنية جميلة جداً ولذلك فقد استخدمها منتجو الفيلم في تسويقه. وهي أيضاً ذات مضمون قوي في تغييب العقل حيث يبدو الجميع وهو يردد عبارة "كل شيء جميل"، بغض النظر عن الواقع الحالي، فلا يبدو أنهم في واقعهم المعاش لديهم الكثير من الخيارات. كما أن شكل الجموع الكبيرة وهي ترددها في وقت واحد توحي بالإشارة إلى شكل القطيع الذي يمشي بشكل مسير يردد ويفعل ما يطلب منه لا أكثر. لا شك أن شركة "ورنر بروذرز" قد قدمت عملاً جديداً ممتعاً يضاف إلى أعمالها الأخرى المميزة، وأن العمل الذي بدأ التفكير فيه في عام 2008 قد ظهر بأفضل حلة والفضل يعود إلى الثنائي فيل لورد وكريستوفر ميلر اللذين توليا عملية الكتابة والإخراج وهما الثنائي الذي سبق له أن قدم فيلم "Cloudy with A Chance of Meatballs (2009). وهما حسب ما يبدو يعرفان جيداً كيف يمكن الموازنة بين النجاح التجاري والقيمة الفنية ولكن التحدي الآن سيكون في صناعة جزء ثان يوازي الأول في مستواه.