×
محافظة المنطقة الشرقية

إغلاق مركز تسويق ثالث خلال شهر في الأحساء

صورة الخبر

وصلا بما سبق طرحه في المقال السابق، نجد أن من الأهمية أن نولي الحوار أو الجدل أهميته في صنع ثقافة منفتحة ومتوازنة. وذلك بالأخذ بسياق التيارات الفكرية والثقافية المتعددة، وأن نسعى سعياً حثيثاً لبناء مشروع ثقافي مستقبلي، بانفتاح وشفافية في حوارنا مع أنفسنا داخليا، وفي حوارنا مع الثقافات الأخرى، أو الحوار مع الآخر. من خلال مشاركتي في كثير من الحوارات الثقافية والفكرية التي كانت من أبرز الفعاليات الثقافية التي شكلت الحراك الفاعل في المشهد الثقافي، كان واضحاً الاختلاف التام بين المتحاورين، ناهيك عن ضعف كثير من الأوراق، فكان أن خرجنا من تلك اللقاءات برؤى وأفكار، لم تكن مقنعة أو جادة، ولم تتضمن ما هو مأمول لرأب الصدع وإنهاء الخلافات والوصول لنقاط يتفق عليها للتقريب بيين الآراء والأفكار. ومع الأسف الشديد ذلك ما عجز عنه مركز الحوار الوطني في مختلف دوراته لعشر سنوات. في ظل كل المتغيرات، وما طرأ على العصر من ثقافة جديدة وإعلام جديد، نجد أن الثقافة أصبحت مجرد سلعة يتم تداولها، بغض النظر عن قيمة ما يتم تقديمه للمتلقين، وتكمن خطورة هذا النهج في تأثيراته السريعة، ونشر الأفكار الخاطئة التي قد تعارض الأعراف الاجتماعية والثوابت الدينية. وبقدر ما يملك المثقف الذي يملك المهارة في التعامل مع النشر في الإعلام الجديد، والقدرة على الإقناع وبساطة اللغة والأسلوب السهل الذي يخاطب كل العقول، وبما توفر له من قنوات في الإعلام الجديد يضمن له الانتشار والاشتهار، لم يعد المثقف، في ظل هذه الظروف، بحاجة لبذل مجهود خارق لترويج أفكاره ونشر معتقداته وقناعاته، والتأثير على الغير. هناك بالفعل صراع بين ذوي العقائد، صراع أيديولوجي بين مختلف الثقافات، يمتحن فيه العقلاء، وهو بحق امتحان صعب، يحتم علينا تجاوز كل خلاف يؤدي إلى مشاحنة وصراع، فالحوارات المتعصبة تخلق جدلا عقيما يتسم بالغلو وتسفيه الآخر، ويكفينا دليلاً على عمق اختلافنا وتباين أفكارنا، كما قلت سابقا، أننا نختلف على قضايانا المصيرية، علينا ألا ننسى أن ما يواجهنا اليوم من حرب على ثقافتنا وحريتنا والتحكم في مصائر شعوبنا، بالإرهاب الذي يتغلغل بمفاصله وفصائله في مجتمعنا وبيوتنا، إنما هي حرب على مكتسباتنا وإنجازاتنا، واستنزاف ثرواتنا لإضعافنا اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، فمن أهم أهداف أعدائنا حتما مسخ هويتنا وشل تفكيرنا، وزرع الفتنة والانقسام بيننا والقضاء على تراثنا الذي يمثل تاريخنا الذي كان سبيلهم للوصول للحضارة. في معظم لقاءات حوارنا الوطني التي عقدت دوراته في مدن المملكة الذين شارك في ندواته وحواراته، لم يصلوا فيه لنجاحات كان بالإمكان أن نحققها ولم نواجه بما يواجهنا اليوم من إشكالات سببها الاختلاف والصراع. لقد أخفقت النخب بمختلف أطيافها، في صياغة خطاب ثقافي وطني ينهي خلافاتهم ويؤلف بينهم، وتتحمل المؤسسات الثقافية والأدبية والعلمية، المسؤولية كاملة في عدم توفيقها في أن تجعل من التنوع الثقافي والاختلاف الفكري في مجتمعنا، مفيداً ومثمراً، وجعله مصدر قوة لمجتمعنا، لأننا إن فشلنا في توحيد خطابنا في الداخل، فإن ذلك حتما سيعيق وصول خطابنا للآخرين. من حق المواطن أن يعيش حياة كريمة تقوم على السلم والمساواة ورغد العيش والأمن والعدالة. ولأن المثقف مواطن، فمن واجب المواطن أن يكون مواطناً صالحاً يعمل للخير ويؤلف بين القلوب لتسود الرحمة والتآخي والتعاطف والإحسان بين الناس، والإخلاص في العمل والنية الصادقة في أن يكون حصناً منيعاً لوطنه مدافعاً عنه وعن دينه، والتصدي لكل ما يُلحق به الضرر، أو يكون وقوداً للفتن وأداة للتدمير ونشر فساد الرأي والعقيدة.