يدرك كل متابع للسياسات الايرانية الفاحشة بأن الكيل قد طفح فعلاً عندما اتخذت البحرين قرارها بسحب سفيرها لدى إيران، واعتبار القائم بأعمال السفارة الإيرانية لدى المملكة شخصاً غير مرغوب فيه، وعليه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة. فالسياسة الخارجية البحرينية اتسمت دائما بالهدوء والحكمة والاتزان وعدم التسرع حتى في أحلك الظروف، ولذلك فإن الوصول إلى هذه المرحلة في العلاقات الدبلوماسية مع ايران، قد جاء بعد أن تجاوزت ايران كل الخطوط الحمراء، على صعيد الانتهاكات المتكررة والسافرة لسيادة البحرين، سواء من ناحية التدخل السافر والمستمر في شؤونها الداخلية، أو ناحية تجاوز الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار، بتعديها المستمر على أمن واستقرار المملكة وشعبها، واستمرارها في التحريض وإثارة النعرات الطائفية ودعم عناصر الإرهاب والتخريب سياسيا واعلاميا وماليا، وعمليا بالأسلحة والمتفجرات والتدريب والرعاية والإيواء، حيث يأتي اكتشاف وزارة الداخلية مؤخرا لمخابئ جديدة للأسلحة والقنابل والمواد المتفجرة والذخائر في منطقة آهلة بالسكان، كامتداد لمحاولات مستميتة ومستمرة لتهريب وتخزين أدوات العنف والترهيب والقتل، وعند البحث والتحري يتبين في كل مرة أن العنوان واحد: وهو إيران، وهذه ليست ادعاءات وانما حقائق تسندها وقائع موثقة، بالصوت والصورة، وبالدليل والحجة، فضلاً عن ان ايران نفسها لم تعد حتى تبذل أي جهد في إخفاء أو تمويه هذا التدخل، بل أصبحت تسنده بتصريحات لكبار مسؤوليها تعزز وتبرر هذا الانتهاك الصارخ لميثاق الأمم المتحدة ولمتطلبات التعاون والسلام. إن إيران لا تتدخل في البحرين والعراق وسوريا واليمن ولبنان فقط، بل هي تدعو وتعلن صراحةً عن دعمها لعناصر الإرهاب وتنادي معهم بإسقاط الأنظمة، وتوفر لهم الدعم السياسي والإعلامي والعسكري والمالي، والأسوأ من ذلك كله، أنها تستدعي من أعماق التاريخ المعارك والصراعات الدموية وتستحضرها أيديولوجيا وتبررها دينيا، من أجل تقسيم الناس واشعال نار الفتن، وتأجيج الاقتتال خدمة لمصالحها القومية، وليس حبا فيمن يتبعونها ولا نصرة للحق ضد الباطل مثلما تدعي في بياناتها. ولذلك، فإن أي ادعاء بأن إيران لا تتدخل في شؤون البحرين لا يتفق مع الواقع لأنها أصبحت الرقم الثابت في كل أمر يراد به شرا لهذا البلد وأهله، وفي كل فعل يهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديداتها تجاوزت ثرثرة البيانات والتصريحات الى التورط المباشر في أعمال تآمرية للإخلال بأمن واستقرار المنطقة كلها، ولذلك وجب أخذها مأخذ الجد، لأنها أصبحت تمس سيادة واستقلال البحرين، كبلد عربي مستقل وعضو في منظمة الأمم المتحدة.