خالد بن فردان إيران دولة عريقة، وامتداد لحضارة بل حضارات قديمة، سادت ثم بادت، وشعب إيران شعب متحضر، وهو ليس، كما نعتقد، شعباً فارسياً خالصاً، فالعرق الفارسي يمثل تقريباً %45 من مجموع السكان، وهنالك العرق الأذري «أصولهم من أذربيجان»، والكرد، والبلوش، والأوزبك، ولا ننسى العرب الذين يقطنون إقليم الأحواز، الذي كان سابقاً دولة عربية مستقلة اسمها عربستان، ولكن بمساعدة بريطانية بعد الحرب العالمية الأولى ضمتها إيران، واستضعفت أهلها كونهم أولاً عرباً، وثانياً سُنَّة. هذه مقدمة بسيطة عن إيران، التي سعت، خاصة بعد الثورة الخمينية في عام 1979م، إلى بناء إمبراطورية إيرانية، فقامت بـ «تصدير الثورة» خارج إيران، أو بالأصح تهيئة المناطق المجاورة للهيمنة الإيرانية. نجحت إيران في تصدير ثورتها إلى لبنان، فزرعت هناك حزباً أصبح معادياً لباقي مكونات الدولة اللبنانية، فسادت الفوضى، وعمَّ الدمار. استطاعت إيران، وبمساعدة أمريكية مدَّ نفوذها إلى العراق، وبعثت الطائفية المقيتة، فتقسَّم الشعب العراقي بين موالٍ لإيران، ومعادٍ لها. في جزيرة العرب اتجهت لتحرك أقلية الحوثيين- في اليمن لتصنع حزباً آخر، يزعزع أمن المنطقة، كما صنعت «حزب الله» في لبنان، ولكن الرد جاء مبكراً، وحازماً. الشيء الوحيد اللافت للنظر في سياسة إيران أن لها رؤية مستقبلية كبيرة «شبه استعمارية»، لكنها لا تتوازى مع قدراتها الحقيقية سواء السياسية، أو العسكرية، أو الاقتصادية، والمشكلة أن الساسة في إيران يعلمون ذلك جيداً، ويعلمون مدى ضعفهم مقارنة بما يطمحون إليه، ولذلك يستخدمون الخدعة الحربية القديمة، وهي التهويل الإعلامي لقوتهم، وقدراتهم، وإشعال مسألة الملف النووي، وتضخيم الأمر ليظل بعبعاً، تخشاه دول الجوار خاصة. وبعد كل هذه السنين العجاف مازال موضوع الملف النووي مجرد أسطورة، ولكن لهذا الملف سحره في تضخيم حجم إيران، الإقليمي على الأقل. وكما يقول بعض المسنين لدينا: «نصف الحرب هنجمة» وسياسياً، وعند النظر لتحالفات إيران الدولية تراها تتجه إلى الحلقة الأضعف «روسيا» التي يمكن الضغط عليها اقتصادياً أو حتى شراؤها- لتتخلى عن حليفتها إيران. لا ننسى أن أهم ورقة كانت تلعب بها إيران مع دول المنطقة قد سقطت بعد سقطات متوالية للسياسة الخارجية الإيرانية ألا وهي ورقة الدين والعزف على هذا الوتر، ولكن الازدواجية التي تمارسها إيران مع الشيعة الإيرانيين، والشيعة العرب تظهر أن المسألة عرقية، أو بالأصح «ميكافيلية» هدفها وصولي فقط. الشأن الداخلي الإيراني وبعد الانفتاح الإعلامي أظهر انقسامات طائفية بسبب السياسة مزدوجة المعايير المتبعة مع الطوائف، والحصار الاقتصادي في الفترة الماضية مازالت ظلاله ممتدة في أرجاء إيران. وأخيراً: ستكشف الأيام أن إيران «الضخمة» مجرد بالونة، لو انفجرت ستنفجر على نفسها.