دخلت فوجدت شقيقتي غارقة في الدماء، لم أشعر بنفسي من شدة الغضب وأخرجت المطواة التي كانت معي وانهلت بها عليه في جميع أنحاء جسمه وفي النهاية ذبحته. بهذه الكلمات بدأ النقاش، المتهم بقتل زوج شقيقته اعترافاته بتفاصيل الجريمة أمام النيابة. كانت بداية مأساة رجاءالتي شاركت بسذاجتها في صنعها عندما صارحها زوجها المهندس حمدي في لحظة صفاء بعد مرور أشهر قليلة على الزواج بأنه أحب منذ سنوات طوال زميلة له في العمل واستمر الحب سنوات، لكنهما اختلفا على الشقة التي عثر عليها بعد عذاب طويل، فقد كانت مكونة من حجرتين وصالة، لكن العروس أو أمها في الحقيقة أصرت على أن تكون الشقة أربع حجرات وصالة، فهي ليست أقل من فلانة أو غيرها من قريباتها، وأنه حاول عدة مرات إقناع الأم بالقبول لكن من دون جدوى، كما انفرد بالعروس وحاول إقناعها أيضاً لكنها اعتذرت لأنها لا تستطيع مخالفة أمها، ووقتها أرادت رجاء أن تكون مثله وتصارحه بكل ماضيها بأمانة وصدق، حتى لا يشعر في أحد الأيام بأنها أخفت عنه منطقة من حياتها وقد يغضب إذا عرفها عن طريق آخر. في شجاعة ساذجة روت له حكايتها هي الأخرى من دون أن تعرف أنها ترتكب غلطة عمرها، أخبرته بأن أحد أقاربها كان يعمل محاسباً في إحدى شركات البترول وعندما تعثرت في إحدى المواد في المدرسة الثانوية التجارية التي كانت قد التحقت بها، واحتاجت إلى مدرس خاص تطوع قريبها لكي يدرسها لها، ومع تكرار تردده على المنزل أيقظ مشاعرها لكنها أخفت مشاعرها وركزت كل جهودها في الدراسة حتى نجحت، وبعد إعلان النتيجة تقدم قريبها لطلب يدها وسألتها أمها عن رأيها فوافقت بالطبع وتمت الخطوبة بالفعل، لكنها رغم إعلان الخطوبة لم تسمح له إلا بملامسة يدها فقط خاصة وأنه كان قليل الزيارات فخلال سبعة أشهر من الخطوبة لم يزرها سوى 5 مرات فقط، ثم فوجئت بانقطاع زياراته من دون سبب واضح حتى عرفت أنه تزوج من زميلته في العمل، وهي مطلقة ليس لها أولاد وأكبر منه في العمر لكن لديها الشقة الفاخرة والثروة الكبيرة فخلعته من قلبها وسألت الله أن يعوضها خيراً منه واستجاب الله للدعاء. كان عزمي والد رجاء وزوجته قد نزحا من قريتهما الفقيرة إلى العاصمة بعد أن حصل الزوج على عمل في إحدى الشركات، وعاشا في هدوء حتى رزقهما الله بطفلتهما الأولى رجاء وبعد نحو ثلاثة أعوام من مولدها كان هناك موعد لمولد شقيقها أحمد والغريب أنها تعاملت معه وكأنه ابنها وليس شقيقها وكثيراً ما تحملت عنه العقاب الذي يريد والدهما أن يوقعه به عند ارتكابه أي خطأ ولو بسيط، وعاش الطفلان وكأنهما توأمان، ألعابهما واحدة ويفرحهما ويحزنهما شيء واحد، وإذا أصاب أحدهما مرض لحق به الآخر. كانت كل شيء بالنسبة إليه يضحكان ويلعبان معاً، فالفارق في السن ليس كبيراً بينهما، لذلك كانا يتحركان كجسدين بعقل واحد أفكاره هي أفكارها وما يسرها يسره وما يحزنها يمزق قلبه، أعلن أحمد عن فشله في الدراسة مبكراً وترك المدرسة دون الحصول على أي شهادة دراسية، وعمل فترة في ورشة لإصلاح السيارات، بعدها عمل نقاشاً واستقر في عمله بينما كانت رجاء تخطو خطوات إيجابية في المدرسة وواصلت دراستها حتى حصلت على دبلوم الثانوي التجاري، وبعدها جلست في المنزل تنتظر ابن الحلال وبالفعل تم إعلان خطوبتها على أحد الأقارب الذي كان يساعدها على دروسها لكن لم تستمر الخطوبة طويلاً وبعد نحو العامين تقدم المهندس حمدي يطلب يدها وتمت الخطوبة وبعد عدة شهور قليلة، تم الزفاف وعاشت رجاء مع زوجها حمدي تتقي الله فيه وبعد عام من الزواج توجهت إلى منزل أسرتها لوضع طفلهما الأول حتى تكون تحت رعاية أمها أثناء الولادة وبمجرد علم حمدي بولادتها ترك عمله وأسرع إلى منزل أصهاره للاطمئنان على زوجته وطفله فوجدها وحولها عدد من الأقارب والجيران، وكان من بينهم خطيبها السابق ولاحظ أن زوجته تهتم به وتتحدث معه باحترام بطريقة مبالغ فيها، التزم حمدي الصمت وفي المساء أصر على عودة زوجته معه إلى شقتهما ورفض محاولاتها ومحاولات والديها لإقناعه بتركها عدة أيام أخرى حتى تستعيد عافيتها من تأثير الولادة وفي النهاية استجابت رجاء لرغبته على مضض، من يومها عاشت رجاء حياة مريرة مليئة بالمشاكل وبدأ زوجها يضربها ضرباً مبرحاً لدى أقل هفوة وعندما شكت لوالدها نهرها وطلب منها عدم الشكوى من زوجها مرة أخرى، مؤكداً أن جميع المنازل تحدث بها خلافات ومشاكل ولو تدخل الأهل فيها فسوف تزداد وتتفاقم وأخبرها بأنه يعرف مصلحتها وعليها سماع كل كلامه من دون مناقشة، وعندما تكرر الأمر عدة مرات لم تجد رجاء أمامها سوى شقيقها أحمد لتشكو إليه همومها وأن زوجها تحول إلى وحش ويتطاول عليها بالضرب بقسوة بالغة بسبب أو دون سبب. في البداية حاول تهدئتها ونصحها بحسن معاملة زوجها وتجنب غضبه لكن عندما تكرر الموقف مرات عدة، قرر أحمد أن يواجه زوج شقيقته فكانت مواجهة سادها الشد والجذب بينهما، فالزوج يدعي أن زوجته لا تهتم به وشقيقها يرد عليه بحماسة ويدافع عنها بأنها أفضل زوجة وعليه أن يحمد الله عليها وأن يحاول استرضاءها. تكررت المواجهة بينهما وفي كل مرة كانت تنتهي بترك أثر سيئ بداخل كل منهما تجاه الآخر، وكان أحمد يستشيط من شدة الغضب عندما يرى آثار الضرب واضحة على جسد شقيقته، كما كان يحزنه أيضاً بكاؤها الذي لا ينتهي، لدرجة أنه في إحدى المرات هدده بتطليق شقيقته منه إذا لم يرجع عما هو فيه، لكن حمدي لم يبال بالتهديد بل سخر منه، كما هدده أحمد عدة مرات بالقتل، لو لم يتوقف عن إساءة معاملة شقيقته، ظل الوضع على ما هو عليه دون تغيير حتى فوجئ أحمد بشقيقته تتصل به بعد منتصف الليل وهي في حالة هستيرية وتطلب منه الحضور على وجه السرعة ووضع حل لمشكلتها وإنقاذها من براثن هذا الوحش، وإلا فإنها سوف تقدم على الانتحار. بمجرد أن سمع صرخات شقيقته في التليفون أسرع إلى شقتها والدماء تكاد تغلي في عروقه، وطوال الطريق وهو يتوعد زوجها بالضرب المبرح لو كانت يده قد امتدت عليها، طرق على الباب عدة مرات دون جدوى وسمع صوت صرخات شقيقته من داخل الشقة فدفع الباب بقدمه بكل قوته حتى تحطم ودخل الشقة فشاهد شقيقته وقد سالت الدماء من جميع أنحاء جسدها ووجهها متورم وفور رؤيته لها في هذه الحالة، أيقن أنها تعرضت لوحشية بالغة من زوجها، وربما يعود ذلك لأنه لم يجد من يردعه، وعلى الفور أخرج المطواة التي كانت معه واقترب منه وهدده بالقتل لو عاد إلى معاملته المتوحشة معها، لكن حمدي سخر منه وحاول طرده من المنزل وطلب منه عدم العودة مرة ثانية. ثار أحمد وفقد سيطرته على نفسه واندفع تجاه حمدي وغرس المطواة في بطنه، وبعدها توالت الطعنات في كل موضع حتى سقط حمدي على الأرض مضرجاً في دمائه، لكن أحمد لم يتوقف عن تسديد الطعنات إليه وحتى يتأكد من وفاته قام بذبحه. هدأ أحمد وأدرك ما حدث وشاهد شقيقته تصرخ في ذهول فطالبها بالبقاء في الشقة وذهب من تلقاء نفسه إلى قسم الشرطة، وأبلغ عن الجريمة وأكد أنه لم يكن ينوي قتل زوج شقيقته وإنما هو الذي استفزه واصطحب الضباط إلى الشقة. أحيل المتهم إلى النيابة وأمرت بحبسه على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليه تهمة قتل زوج شقيقته عمداً مع سبق الإصرار.