×
محافظة المنطقة الشرقية

العدساني لـ«القبس»: لا قيود على المساءلة السياسية

صورة الخبر

· كان يمكن لحادثة التعدي على رجال الأمن من قبل بعض همج ( الدبابات الرباعية) أن تمر دون أن يكون لها كل هذا التفاعل الكبير والسريع والحاسم، لولا شجاعة المواطنة التي قامت بتصوير وتوثيق المشهد بيد، وباليد الأخرى كانت تقوم بأداء مهمتها الوطنية والأمنية الأهم والألزم، وهي الإبلاغ عن هذه السابقة الخطيرة، ومحاولة إنقاذ رجال الأمن الذين غلبت الكثرة والمفاجأة والغوغائية شجاعتهم المعروفة.· اللافت هنا والمثير للفخر في آن معاً، أن المواطنة النبيلة -التي تستحق أن نفرد لها اليوم هذا المقال- لم تكتف بتوثيق المشهد (الدراماتيكي) الذي كانت هي بطلته الأولى بلا منازع، ولا حتى بالإبلاغ السريع عنه بلهفة المواطن المشفق والحادب على أمن وسلامة وطنه ومواطنيه، بل تجاوزت كل هذا إلى التعليق الشجاع، ونقد السلبية (المخيبة للآمال) التي أظهرها بعض حضور المشهد، ممن آثروا التخشب، والوقوف موقف المتفرج أمام سابقة خطيرة لا تحتمل السلبية ولا الحياد ولا حتى مجرد التفكير.· ليست دعوة للفوضوية، لكن سلبية الشارع المتزايدة تجاه بعض الجرائم والتجاوزات مشكلة يجب أن تدرس بعناية من قبل الجهات البحثية في بلادنا (على اعتبار أن لدينا جهات بحثية) والأدهى عندما تكون إزاء قضية وطنية لا تحتمل الحياد كما قلنا، فعلى الرغم من كوننا نحفظ جميعاً وعن ظهر قلب مقولة الراحل الكبير الأمير نايف -يرحمه الله- إن المواطن -والمقيم أيضاً- هو رجل الأمن الأول وترديدنا لها في كل حين، إلا أن معدلات النخوة والشجاعة في الحق، ومن أجل الوطن آخذة في الاضمحلال والتناقص بشكل محزن ومخيف ومؤسف، الأمر الذي كثيراً ما يتسبب في مشاهد قمة في السلبية المؤلمة، كما حدث في قضايا قتل سابقة تمت في عرض الشارع، ومثل ما حدث في معركة (ذات الدبابات) الأخيرة!· قد يكون لتنامي الفكر الفردي، وشيوع هذه النزعة القادمة من مجتمعات أخرى عبر منافذ العولمة دور كبير في تكوُّن هذه السحابة السوداء التي تكاد تحجب قيماً عربية أصيلة كالشهامة والمروءة والشجاعة في الحق، وهذا ما يستوجب من الباحثين والمختصين وجامعاتنا (المنغلقة على نفسها) إعادة النظر -وبسرعة- في منظومة قيمنا الاجتماعية، التي تعيش حرب وجود لا هوادة فيها، ودعم وتعزيز الجيد منها وإعادة إشعال جذوته في النفوس، حتى لا نجد أنفسنا ذات يوم، وقد فقدنا أهم ما يميزنا -كعرب ومسلمين- من أخلاقيات وقيم كريمة سطر بها أسلافنا أعظم وأروع وأكرم وأنبل قصص التاريخ.· أخيراً.. ولأن تعزيز القيم يبدأ بصناعة القدوات وتسليط الضوء على منجزاتها الأخلاقية في زمن كثرت فيه التوافه وتصدرت المشهد، فإنني أوجه الدعوة لجميع الجهات، وخصوصاً النسائية منها، لتكريم هذه المواطنة الشجاعة التي يكفيها من البطولة أنها أيقظت فينا حساً وطنياً يوشك أن يموت.