في بادرة عدت مصيرية وبمثابة آخر فرصة للخروج بالأزمة الليبية من النفق، التي دخلت فيه منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011، سلمت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أطراف النزاع في منتجع الصخيرات المغربي الليلة قبل الماضية النسخة النهائية للاتفاق السياسي، بما فيها الملاحق، موضحة أن الاتفاق النهائي يشكل «الخيار الوحيد» الموجود أمام الليبيين كي لا تسقط بلادهم في فراغ سياسي ومصير مجهول. وقال برناردينو ليون مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا: «أتيت هنا الليلة لأقول إن عملنا انتهى. لدينا نص وهو نهائي. إذن فقد انتهى الجزء الخاص بنا ضمن هذا المسلسل». وبخصوص مستجدات الاتفاق النهائي مقارنة بالنص المسلم للأطراف قبل أسبوع، أكد ليون أن النص الجديد «لا يختلف كثيرًا» عن سابقه، وأنه يتضمن فقط شروحات وضمانات لحسن تنزيل مقتضيات الاتفاق النهائي، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة أعدت نص اتفاق نهائي وتوافقي، وقال في هذا الصدد: «ما على الفرقاء الليبيين سوى إقراره أو رفضه». كما حث أطراف الحوار على التعامل بشكل إيجابي مع هذا الاتفاق، والتحلي بالمرونة وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. وأضاف ليون أن الأمن يعد أولوية أولويات الليبيين، مؤكدًا أن السلاح الوحيد الذي يمكنه «هزم الإرهاب يكمن في الاتفاق والوحدة». وذكر ليون أن الأمم المتحدة تتفهم أن «كل ليبي ومؤسسة وكل منظمة سوف يرون عناصر لا تروقهم في الاتفاق، لكن هناك المزيد من العناصر التي ستروقهم.. والآن الأمر متروك للطرفين والمشاركين في الحوار للرد على هذا النص، ولكن ليس بإضافة المزيد من المقترحات، أو بالعودة مرة أخرى بأمور للتفاوض»، وزاد موضحًا: «لقد حان الوقت لتقول الأطراف إنها جاهزة للعمل سوية من أجل تخطي التحديات»، معبرًا عن أمله في أن تعود الأطراف في الأيام المقبلة وتكون جاهزة لمناقشة الأسماء التي ستشكل حكومة الوحدة الوطنية. وفي هذا الصدد أشار ليون إلى أن جميع المشاركين أكدوا استعدادهم لمناقشة أسماء حكومة الوفاق الوطني بعد عيد الأضحى، وإتمام هذه العملية في غضون يومين أو ثلاثة أيام، معربًا عن أمله في أن يستكملوا مسار التسوية بحلول الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. لكن ليون أوضح أن تجاوز تاريخ 20 أكتوبر، تاريخ انقضاء ولاية مجلس النواب المنتخب (برلمان طبرق)، من دون الخروج بحكومة وحدة وطنية تنهي النزاع الدائر منذ سقوط نظام القذافي، سيؤدي إلى فراغ سياسي يصعب التعامل معه كثيرًا. وكانت بعثة الأمم المتحدة والسلطات المغربية قد أعدوا مساء أول من أمس لحفل كان من المتوقع أن يتم خلاله التوقيع على هذا الاتفاق النهائي، لكن ذلك لم يحدث. وقال ليون إنه بإمكان الليبيين «اختيار رفض هذا الاقتراح، لكنهم سيختارون في هذه الحالة مصيرًا مجهولاً، وسيختارون التعقيدات والصعوبات في العمل مع المجتمع الدولي، ووضع البلاد في موقف صعب للغاية»، داعيًا إياهم والمؤسسات المنخرطة في حوار الصخيرات إلى أن تكون «مرنة وكريمة، وأن تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار». واستطرد ليون قائلا: «على الذين يعارضون ما توصلنا إليه أن يخبرونا ما هي خياراتهم المتوفرة.. صراحة لا أرى هناك الكثير من الخيارات أمام الليبيين. سمعت الكثير من الانتقادات حول هذا العمل وحول الاتفاق، ونعلم أن هناك الكثير من الناس لا يحبون ما نقوم به، لكن ما هي الخيارات؟». وتركزت محادثات الجولة الجديدة من الحوار السياسي الليبي، التي انطلقت قبل أزيد من عشرة أيام بمشاركة جميع أطراف الحوار، على التوصل لاتفاق نهائي لتسوية النزاع الليبي، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني. يذكر أن منتجع الصخيرات شهد في يوليو (تموز) الماضي، التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق من طرف مختلف الأطراف المجتمعة، بمن في ذلك رؤساء الأحزاب السياسية المشاركون في الجولة السادسة للحوار الليبي، مع تسجيل غياب لممثلي المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس). وتعيش ليبيا فوضى أمنية وسياسية في ظل الصراع على السلطة بين مجلس النواب المنتخب والحكومة المؤقتة المعترف بهما دوليًا، واللذين يتمركزان شرق البلاد، والمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته وحكومة الإنقاذ الوطني اللذين يوجدان في العاصمة طرابلس.