شاهدت، مثل كثيرين غيري، تلك المشاهد المؤلمة عن اللاجئين السوريين والمعاملة السيئة التي تعرضوا لها على أيدي قوات الأمن المجرية التي قالت عنها المنظمات الإنسانية إنها تتعامل مع اللاجئين كما لو كانوا حيوانات. تلك المشاهد بلغت ذروتها بصورة الطفل السوري الذي ألقته الأمواج على شواطئ تركيا وهي الصورة التي هزت ضمير العالم. هذه المشاهد المؤلمة نقلتها كل وسائل الإعلام في العالم التي وجدت في الحدث فرصة لملء ساعات البث الطويلة. والحقيقة أن عين الإعلام كانت مفتوحة تمامًا وهي تسجل مأساة هؤلاء اللاجئين الذين ركبوا البحر وتجشموا الأهوال بحثًا عن حياة أخرى بعيدًا عن الوطن الذي هربوا منه أو أُجبروا على الهروب منه. هذه العين الرقيبة هي التي التقطت صورة مصورة تلفزيونية مجرية وقد تحولت إلى رجل أمن وأخذت تركل من يقابلها من اللاجئين ثم أسقطت رجلاً سوريًا كان يحمل طفلته ويحاول الهرب من الشرطة فوقع هو وطفلته على الأرض. كل هذه المشاهد تجعلنا نشعر بالخزي ونحن نرى الإنسان العربي يتعرض للذل والإهانة. قضية اللاجئين هذه لم تنته بعد ويتوقع أن تستمر لوقت طويل، فقد استغلها المهربون والمتاجرون بالبشر، كما استغلتها الحكومات الغربية لغايات سياسية واقتصادية محلية، حتى أصبحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ملاك الرحمة في نظر كثيرين، بينما أعلن الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة سوف تستقبل عشرة آلاف لاجئ سوري بدءًا من مطلع الشهر المقبل. ما يعنينا في هذه القضية هو أنها تثير تساؤلات كثيرة عن أسبابها وتوقيتها، فمن اللافت أن هذه الموجة من الهجرة إلى أوروبا تسير بحسب خطة منظمة، كما يبدو أن المشاركين فيها ليسوا جميعًا من الهاربين من الحرب، بل إن معظمهم من الشباب الذين وقعوا ضحية عصابات التهريب التي باعتهم أوهام الثراء بعدما سرقت مدخرات حياتهم. موضوع اللجوء للشعب السوري يحتاج الى بحث عميق لان الواضح ان الامر ليس لجوءا او هروبا انما هو اصبح بالمجمل البحث عن فرصة ثانية للحياة، لعلها طبيعة بشرية ان تهرب من الموت وتبحث عن مستقبل اكثر امانا لك ولأولادك، لكن هل فعلا سياسة الهرب وترك الاوطان سياسة مقبولة؟ هل تفريغ سورية من اهلها وشعبها بمسرحية اميركية - اوروبية وضغط ايراني امر يخفى علينا ولا ننتبه له؟ هل هنالك مرحلة قادمة تقسم فيها سورية ومن خرج لن يعود؟ هل فعلا يهربون من الموت ام يهربون الى الموت مع مذلة ومهانة؟ والمفارقة في كل ما يجري أن هؤلاء اللاجئين وغيرهم من اللاجئين الأفارقة يضحون بأنفسهم ليصلوا إلى هذه الدول التي استعمرت بلدانهم لعقود طويلة. في تلك الأزمان، كان المتاجرون بالبشر يصطادون الأفارقة وينقلونهم مقيدين بالسفن ويبيعونهم في أسواق الرقيق. في تلك الأزمان، كان الناس رغم فقرهم يهربون من الأسر إن استطاعوا، أما الآن، فنراهم يقدِّمون أنفسهم طوعًا ليكونوا عبيدًا. عودة مرة أخرى إلى قضية اللجوء السوري إلى أوروبا. من الواضح أن معظم هؤلاء اللاجئين ليسوا من المناطق الفقيرة، بل ربما يكونون من المناطق الخاضعة لسيطرة نظام عائلة الأسد. ولا شك في أن هذا النظام قد سهل هجرتهم لتفريغ البلاد من سكانها، وبخاصة السنة منهم، وذلك ضمن المخطط الذي تنفذه إيران والرامي إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في بعض المناطق السورية، كما كشفت عن ذلك بعض فصائل المقاومة التي قالت إن إيران كانت تتفاوض معهم لإخلاء منطقة الزبداني من سكانها السنة. هذا المخطط نجحت إيران في تنفيذه في العراق حيث شردت سكان بغداد السنة وسكان الفلوجة ومناطق كثيرة أخرى، كما شردت آلاف المسيحيين، وساهمت الولايات المتحدة في هذا المخطط من خلال تشجيع المشردين على طلب الهجرة إليها. لذلك، ففي الوقت الذي نتعاطف فيه مع مأساة الشعب السوري، فإننا نحذر من هذا المخطط الخبيث لتفريغ البلاد من سكانها وأدمغتها. أخيراً يجب أن نحذر ممن استمرأوا جلد الذات وهم ينفذون مخططًا دعائيًا للفت الأنظار عن الدوافع الحقيقية وراء تهجير الشعب السوري.. هؤلاء المتباكين يتناسون أن المملكة العربية السعودية استضافت اكثر من 2.5 مليون شقيق سوري عاملتهم كمقيمين اشقاء لا لاجئين نازحين، والمملكة ودول الخليج الأخرى والكثير من الدول العربية كالأردن ومصر ولبنان لم تتوقف منذ بداية الأزمة السورية عن مد يد العون لهؤلاء اللاجئين، وسوف تستمر في ذلك إلى أن يندحر نظام عائلة الأسد ويعود المهجرون إلى ديارهم بإذن الله.