قال الدكتور بندر حجار وزير الحج إن السعودية بصدد سن عقوبات بحق الدول المخالفة لأنظمة وقوانين شعيرة الحج، مبينا أن وزارة الحج رفعت إلى مجلس الوزراء مشروع لائحة عقوبات بحق المكاتب المخالفة من أي دولة كانت. ولفت وزير الحج في حوار مع "الاقتصادية" إلى أن وزارته تعقد وعلى نحو سنوي لقاءات مع ممثلي الدول تؤكد فيها لهم ضرورة الالتزام بأنظمة الحج المرتكزة على أن يؤدي الحجاج حجهم دونما خروج عن القوانين، مشيرا إلى أن وزارة الحج توقع مع مكاتب خدمات حجاج الدول على محاضر ملزمة بالانضباط التام. وكشف الدكتور بندر حجار أنه تم إعداد مشروع إعادة هيكلة مؤسسات أرباب الطوائف لتصبح وفق أسس الشركات المساهمة، مبينا أن المشروع رفع قبل نحو عام إلى مجلس الوزراء وعاد بملاحظات من هيئة الخبراء تتعلق بأهمية أن يكون لمشروع الهيكلة لائحة تنفيذية وهو ما أنجز. وحول تطبيق برنامج المسار الإلكتروني على مؤسسات حجاج الداخل، أوضح وزير الحج أن المسار الإلكتروني هو الضامن للأطراف كافة، سواء الحاج أو الشركة أو حتى الجهة المشرفة، جازما بأن البرنامج سيحقق النجاح المأمول وسيغلق باب التلاعب بالحاج واستغلاله. إلى تفاصيل الحوار: أيام قليلة ويبدأ موسم الحج، فكيف واءمتم بين ما تعمل عليه الدولة من مشروعات عملاقة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وتحقيق نسب الحجيج من الدول كافة؟ نحن في وزارة الحج نعمل على مبدأ أساس وهو توفير الطاقة القصوى من الخدمات لتسهيل شعيرة الحج، والدولة لم ولن تتوقف عن تقديم كل ما ييسر الحج للمسلمين، وبإلقاء نظرة على مشروعات كمطار الملك عبد العزيز في جدة ومطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة المنورة ومراحل توسعة الحرمين الشريفين ومشروعات النقل العام من مسارات للقطارات والحافلات يدرك تماما أن الهدف الرئيس لأجهزة الدولة هو تحقيق غاية خدمة حجاج بيت الله الحرام، وانتهجنا، منذ أن أقرت تلك المشروعات، سياسة التخفيف على الحجيج وتمكينهم في الوقت نفسه دون معوقات تذكر. وأؤكد أن جميع المشروعات في مراحلها النهائية وسينعكس ذلك على راحة الحجاج وسلامتهم ـــ بإذن الله تعالى. ماذا عن مشروعات التوسعة في الحرم المكي؟ العام المقبل سيتمكن حجاج بيت الله الحرام من الاستفادة من توسعة المطاف بالكامل، وهذا الأمر سيحقق للحجيج راحة عبر توسيع الطاقة الاستيعابية. إذا ستعود النسب المخصصة للدول لوضعها الطبيعي بدءا من الموسم المقبل؟ نحن ملتزمون بالنسب منذ أن أقرت نسب الدول في اجتماع الدول الإسلامية - مؤتمر عمان 1987- وربط (الكوتة) بعدد السكان من خلال حساب ألف حاج في كل مليون نسمة، ونتلقى طلبات من بعض الدول لزيادة أعداد حجاجها، ونراجع ذلك عبر الزيادة العددية لسكان كل دولة ومدى التغيير الحاصل في كل حقبة زمنية عبر معايير حساب السكان الدولية، وحينما خفضنا أعداد الحجاج في المواسم الثلاثة الأخيرة فذلك كان عائدا للمشروعات الكبيرة في البقعتين المقدستين وما جاورهما من مدن الوصول، ولحرصنا الشديد على عدم تعريض الحجاج لأي خطر. د. حجار متحدثا. كيف ستستطيعون تحقيق معادلة تقديم الخدمات في ظل الأعمال الإنشائية؟ قدمنا ذلك في مواسم ماضية دونما إخلال يذكر وبمعدلات سلامة مرتفعة ولله الحمد، وسنسير في حج هذا العام على المعايير ذاتها المنطلقة من تقديم خدمات عالمية توفر الرقي المهني في الأداء والأمان الصحي لـ 2.5 مليون حاج. لكن المساحة في مشعر منى بالذات لا تستوعب أكثر من 1.5 مليون حاج، فما حلولكم هنا؟ هذا صحيح، والمساحة المخصصة لكل حاج في مشعر منى لا تزيد على 160 سنتيمترا وفق المساحة الشرعية، ولكن هذا ليس ما يمنعنا عن استيعاب أعداد أكبر، إنما سلامة الحجيج هي العامل الأهم في مسألة استقبال أعداد أكبر، وحتى من منظور اقتصادي من مصلحتنا أن نوسع رقعة الأعداد، لكننا لا ننظر إلى هذا الأمر على الإطلاق بل نحن خدام للحجاج وتهمنا سلامتهم وليست لدينا أي دوافع غير ذلك، كما أننا نضع في الاعتبار أنه كلما زادت أعداد الحجاج قلت سلامة الحاج وراحته وطمأنينته وهذا الأمر يتنافى مع أسس عملنا. أليس من خطط لزيادة طاقة المشاعر المقدسة؟ تظل المشاعر المقدسة بحاجة إلى تطوير والمنوط بذلك هي الهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة برئاسة الأمير خالد الفيصل، وهناك أفكار للتطوير لدى الهيئة ولجنة الحج العليا تتابع. هل صحيح أن الهيئة تفكر في الخيام السميكة متعددة الأدوار؟ كل الأفكار لدى الهيئة وهي لن تألو جهدا في دراسة ما يؤدي إلى راحة الحجاج. لنفتح ملف مؤسسات أرباب الطوائف د. بندر؟ تفضل. مرت المؤسسات بحالة مرتبكة بين كونها تمثل إرثا اجتماعيا وبين تحويلها إلى كيانات قائمة على أساس مؤسسي، كيف تعاملتم مع ذلك؟ وما طريقتكم في نقل الأمر إلى التنظيم التام؟ دعني أؤكد أن أهالي مكة المكرمة والمدينة المنورة يتعاملون مع حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام على نحو مختلف، إذ يتسابق الجميع على الخدمة والعمل المنطلق من الواجبين الإنساني والديني وهم يرون في ذلك أعلى درجات الارتباط بالمكان، وأنا شخصيا لا أنفك من أخذ الرأي والمشورة من كبار المطوفين والمطوفات وهي مسألة أصيلة بالنسبة لي، وأحرص تمام الحرص على إبقاء كبار المطوفين في مكانتهم وتأدية أدوارهم. أما بالنسبة لمؤسسات الطوافة فهي منظمة وتقوم عليها الآن كوادر سعودية على مستوى رفيع من الشهادات العلمية، لكننا أردنا لها كفاءة أكثر كي نرتقي بمستوى خدماتها، ولتأخذ مفاهيم الشركات، فأعددنا مشروع إعادة هيكلة مؤسسات أرباب الطوائف لتصبح وفق أسس الشركات المساهمة، ورفعنا المشروع قبل نحو عام إلى مجلس الوزراء وعاد إلينا بملاحظات من هيئة الخبراء تتعلق بأهمية أن يكون لمشروع الهيكلة لائحة تنفيذية وهو ما أنجز من قبلنا ونتطلع إلى أن يكون مشروع إعادة الهيكلة معينا لمؤسسات أرباب الطوائف الأهلية في سبيل تقديم خدمات لحجاج الخارج وفق معايير خدمية عالية المستوى. ما موقف مؤسسات أرباب الطوائف من إعادة الهيكلة؟ تم إطلاع المؤسسات على كل التفاصيل وإشراكها في صنع القرار الخاص بالتنظيم، وأبدت المؤسسات كافة رضا تاما على بنود التنظيم وآليته الكاملة، ونحن في وزارة الحج سواء في قطاع حجاج الداخل أو الخارج لا نطلق أي قانون أو تنظيم إلا بعد أخذ مرئيات من له علاقة، والوزارة لا نقدم على أي خطوة إلا بشمول من له صلة بذلك. وزير الحج فيما يتعلق بشركات ومكاتب حجاج الداخل هنالك شد وجذب بينكم وبين تلك الشركات حول آلية المسار الإلكتروني، كيف تقيمون الوضع بينكم الآن؟ الوضع ممتاز والشركات البالغة نحو 240 شركة دخلت في تطبيق النظام الإلكتروني وتنفيذه على نحو كامل وليس هناك أي تراجع ونحن ماضون في السير نحو تسهيل الحج على المسلمين كافة. لكن شركات حجاج الداخل تململت في تطبيق البرنامج، أليس كذلك؟ ليس تماما. لماذا اعتبرت أنها ستخسر ماديا إذا؟ دعني أوضح لك مسألة في غاية الأهمية، نحن كوزارة لدينا أسس لن نحيد عنها وهي تقديم خدمات عالية للحجاج كافة، ودونما إرهاق لميزانية حجاج بيت الله الحرام، ولدينا يقين بأن الأسعار في السابق كانت مرتفعة نوعا ما وتثقل كاهل الحاج البسيط، وكانت هناك فجوة بين الوعود المقدمة من شركات الداخل والتنفيذ على الواقع، وقد تلقينا من جهات رقابية حكومية ملاحظات حول ذلك، وتحرت الوزارة للرصد عبر لجانها الرقابية، وفتحنا باب التقييم من الجمهور، ووصلت إلينا شكاوى كثيرة من حجاج وقعوا ضحية لبعض الشركات، لذا كان تحركنا لمنع ذلك ولضبط العملية برمتها. هل سيحقق المسار الإلكتروني الضبط الكامل؟ بكل تأكيد فالبرنامج الإلكتروني يتيح للحاج اختيار الشريحة المناسبة لدخله دونما وعود ورقية. وكيف تتمكن شركات حجاج الداخل من الربحية؟ لقد أنجزنا عملا مكثفا في ذلك مع الشركات وشكل لذلك مجلس تنسيقي هو الأول من نوعه في تاريخ وزارة الحج، وشكل لذلك فريق بحثي على مستوى عال من جامعتي أم القرى في مكة المكرمة والملك عبد العزيز في جدة لدراسة تهيئة الوضع وتنظيمه، وعقدت أنا شخصيا وفريق الوزارة ما يربو على 12 اجتماعا خلال الفترة القليلة الماضية، وتوصلنا إلى أن المسار الإلكتروني هو الضامن للأطراف كافة سواء الحاج أو الشركة أو حتى الجهة المشرفة، وتركنا لكل شركة هامش 10 في المائة من العدد الكلي للتصاريح تستطيع أن تسوقه الشركة بطريقتها تحقيقا للعدالة، وأنا على قناعة تامة بأن المسار الإلكتروني سيحقق النجاح المأمول وسيغلق باب التلاعب بالحاج واستغلاله، وسيكون البرنامج مطبقا أيضا على حجاج الخارج بدءا من الموسم المقبل. هناك تخوف من أن المسار الإلكتروني سيقلل من ربحية الشركات وسيرفع من هامش التلاعب .. كيف ترد؟ بل على العكس، البرنامج يتيح للشركات سهولة الالتقاء بالعميل ويقلل من مصروفات الكوادر العاملة عبر الاعتماد على البرنامج ويرفع هامش الربح، وقد تلقينا إشادات من ملاك ومديري الشركات على تطبيق البرنامج، وبعضهم أبدى ندمه من عدم المسارعة في تطبيق المسار الإلكتروني منذ سنوات، بعد أن ساهم البرنامج في ضبط المصروفات وتقنين العمل. وهل هامش الـ 10 في المائة كاف للحد من مكاتب الحج الوهمية؟ بكل تأكيد، فالبرنامج يربط التصريح برقم هوية المستفيد سواء كان المستفيد مواطنا أو مقيما، ولن يتمكن من الحج إلا ذلك الشخص الحاصل على قبول من بوابة المسار الإلكتروني ولا مجال هنا للتصاريح الوهمية على الإطلاق. قبل أسبوع وافق مجلس الوزراء على إضافة عقوبة التشهير إلى العقوبات الموجودة في بعض الأنظمة، لماذا طالبتم دكتور بندر بذلك؟ خدمة الحجاج وإعمار الحرمين الشريفين تقع في قمة أولويات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والسعودية وفرت كل السبل لجعل الحج سهلا وميسرا وإذا حاول البعض مخالفة الأنظمة بما يشوه إنجازات المملكة والإساءة لسمعتها والإضرار بالحجاج والمعتمرين والزوار يستحق العقوبة المقررة في الأنظمة بما فيها التشهير وفي الوقت نفسه الوزارة تكرم سنويا المتميزين في تقديم الخدمات فهؤلاء يستحقون الإشادة أيضا. والهدف من وراء ذلك منع تكرار المخالفات. تمر المنطقة بحالة من الأحداث السياسية، فكيف ستنأون بالحاج عن كل ما يموج من قلاقل؟ لدينا في وزارة الحج إجراءات متبعة تنفذ كل عام بمنأى عن أي مؤثر سياسي، ولا ترتبط إجراءاتنا بأي أحداث تطفو على السطح، ونحن نجتمع مع كل ممثلي الدول على مدى العام ونؤكد أن الحج شعيرة دينية صرفة لا بد للحاج أن يؤديها وفق التعاليم السمحة للشريعة الإسلامية، ووظيفتنا جميعا أن نوفر لكل مسلم داخل الأراضي المقدسة أعلى معايير الخدمة المقرونة بالراحة والطمأنينة، ونلزم كل ممثلي الدول بما وقعناه معهم من محاضر تشدد على تأدية الشعيرة وفق المفهوم الديني الخالص. ماذا لو شذت دولة عما وقعته معكم؟ سعينا منذ فترة إلى تحويل ممثليات الدول في الحج إلى مكاتب خدمات ونزع صفة الدبلوماسية عنها حتى لا تؤخذ المسألة بشقها السياسي، ورفعنا إلى مجلس الوزراء مشروع لائحة عقوبات بحق المكاتب المخالفة من أي دولة كانت. هل من بين العقوبات تقليص أعداد الدولة المخالفة في الموسم التالي؟ لا مجال للحديث عن هذا الأمر الآن، لكننا سنسن عقوبات تبقي موسم الحج شعيرة دينية عظيمة، ولن نتراجع عن ذلك أبدا.