×
محافظة مكة المكرمة

أمطار على محافظة الطائف

صورة الخبر

عندما قرأت أخيرا تقريراً عن أفضل المكتبات المخصصة لبيع الكتب على مستوى العالم في موقع «سي إن إن»، والتي تقع بعضها في مواقع تاريخية أو ثقافية، أو حتى دينية... تذكرت قول الفيلسوف الالماني شوبنهاور: «المكتبة هي الذاكرة الوحيدة المؤكدة المستمرة للفكر الانساني». حقاً.. إنها ليست مجرد مبنى مزروع بالكتب، ولا جدران صماء يسكنها برود الصمت، أو مكانا عفى عنه الزمن واصبح من التاريخ المتهالك... لا! إنها انعكاس لفكر المجتمع ومدى ثقافته وتقديره للعلم والمعرفة، فهي منارة في بحور تاريخ الامة، يشرق ضوؤها على امتداد شواطئ الزمان. وأكبر دليل على ذلك، وجود المكتبات المتميزة في الدول المتقدمة والمتطورة، كمكتبة الكونغرس التي توجد في الولايات المتحدة الاميركية، وتحتوي على 30 مليون كتاب بالعديد من اللغات، ومكتبة شكسبير في فرنسا المتوهجة بالأنشطة الثقافية للمؤلفين والقراء، أما في تايوان فهم لا يغلقون ابواب مكتبتهم، فأبوابها مشرعة على مدار 24 ساعة. تتميز ايضا بعض المكتبات بأماكنها غير التقليدية، فمثلا المكتبة المعاصرة في الصين التي تعتبر من اجمل مكتبات العالم كانت ملجأ للاحتماء فيه من صواريخ الحروب، فتحول من مكان يحتضن لحظات الرعب الى مكان ينثر النور والجمال! في ايطاليا تقع مكتبة فينسيا في الطابق الارضي لفندق، ويرجع تاريخها الى القرن الثامن عشر، وتشتهر بالمؤلفات في مجالات متنوعة كالمعمار والشعر. في هولندا مكان مكتبة الدومنيكان مختلف تماماً، فقد حولوا كنيستهم الى مكتبة، لتكون برهاناً على مدى تقديسهم للكتاب، في البرتغال تعد مقصدا سياحياً، يأتي اليها السائحون من مختلف ارجاء العالم، لدرجة إنها بدأت بفرض رسوم على زائريها، واخيرا مكتبة كتب الطهو في استراليا التي اشتهرت بهذا الصنف، والتي يفوق عددها 30 الفاً... وهي واحدة من الكتب المتخصصة المهمة في العالم. فالطهو ثقافة يقدرها كثيرون! وكان لنا نحن العرب حظ في منابر الثقافة الإنسانية هذه بمكتبة الاسكندرية، التي تعد المكتبة الفرانكفونية الثانية في العالم، بعد مكتبة نيويورك، لثراء مجموعتها باللغة الفرنسية. فكم جميل صمود هذه الصروح الثقافية في وجه كل هذا التقدم التكنولوجي والاحتفاظ بكيانها امام العصر الرقمي، الذي أخذ عددا كبيرا من الناس معه الى قراءة الكتب عبر شبكات الانترنت، فبنقرة واحدة يحصل القارئ على المعلومات التي يحتاجها دون تكبد أي جهد.. فالمكتبات قلاع الثقافة الحقيقية، بتصاميمها الفريدة واجوائها الدافئة، تجعل القارئ يشتهي ملامسة الكتب، ويشعر بألفة المكان، فالقراءة ليست فقط في اكتساب المعلومة، إنما بالأحاسيس التي تتغلل إلى وجدان القارئ فتشعره بالمتعة، وتسكن ذاكرته. وإذا كان عشاق المسرح يحرصون على الذهاب اليه، ليتمتعوا بمذاقه الخاص، وروعته ورونقه، فيغوصون في كل تفاصيل العمل الابداعي.. فالكتاب مسرح القارئ يمتع عقله وحواسه، ويسكن وجدانه ويحفز على اكتشاف المزيد من المعرفة.. «الكتاب باعث الحركة الادبية، ودليل الحيوية الفكرية في كل عصر وفي كل جيل»، كما قال المؤرخ المغربي عبدالله كنون. * كاتبة كويتية Amal.randy@yahoo.com