الموجة الحمراء التي تشهدها أسواق المال العالمية وأنجرفت معها أسواق الأسهم المحلية لابد أن تجابه بالهدوء والابتعاد عن التسرع في اصدار الأحكام على الاقتصاديات، فأوضاع الصين الاقتصادية والتي تعتبر من أكبر مستوردي النفط عالمياً وأحد أكبر المصنعين والتي وصلت الى تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين ولجوء البلاد إلى تخفيض اليوان الصيني كانت من أهم وأكبر العوامل التي ساعدت على اكتساء الأسواق المالية العالمية باللون الأحمر خلال الأيام القليلة الماضية وما زاد من حدة الأوضاع الاقتصادية العالمية الانخفاض الكبير الذي يشهده سعر النفط في الأسواق العالمية والذي من الطبيعي انه سيؤثر على اقتصاديات دول الخليج التي تعتمد اعتماداً شبه كليّ على البترول كمصدر لمدخولاتها . اقتصاد المملكة العربية السعودية لن يكون بمنأ عن التأثيرات الطبيعية الاقتصادية محلياً وعالمياً وليس جديداً أن تلجأ الحكومة السعودية لإصدار سندات حكومية لتمويل العجز في ميزانيتها فقد سبق وأن أصدرتها في التسعينيات الميلادية وكذلك في 2007-2008 خلال سنوات الأزمة المالية العالمية «أزمة الرهن العقاري» ولعل ما يطمئن عن الاقتصاد السعودي هو الاقبال الكبير على شراء هذه السندات من قبل المؤسسات المالية والبنوك وهذا يؤكد ان مستقبل هذا الاقتصاد لا يوجد فيه مخاطرة وهذه دورة اقتصادية طبيعية لابد وأن تعود إلى النمو من جديد في مرحلة لاحقة. بالنسبة لسوق الأسهم السعودية الأمر لا يتطلب أكثر من الهدوء والتريث في اتخاذ القرارات الارتجالية فما تشهده السوق هو أمر طبيعي متأثراً بما يشهده التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي والانخفاضات التي تعيشها أسواق المال العالمية . المهمة والمسؤولية الأكبر تقع في هذه الأوقات على المؤسسات الحكومية والبنوك والصناديق الاستثمارية الكبرى في السوق بأن تكون أكثر تطميناً للمتعاملين في السوق وتبتعد عن بيع أي أجزاء من الأسهم التي تملكها بل والاتجاه الى الشراء والقيام بدور المحفز والمتوازن للسوق في هذه المرحلة الحرجة. وهنا أركز على البنوك التي يجب أن تكون أكثر مسؤولية بواجبها الوطني والحفاظ على اقتصاد الوطن الذي تكتسب منه مليارات الريالات من الأرباح سنوياً بأن تتمسك بمبدأ اتاحة الفرصة للمقترضين إلى حين عودة السوق إلى وضعه الطبيعي وايقاف سياسة البيع العشوائي لمحافظ المقترضين وهنا يجب أن تتحرك مؤسسة النقد العربي السعودي لارغام هذه البنوك لأن تكون شريكاً في مسؤوليتها الوطنية، ولا مانع من فرض عقوبات على البنوك التي تتجاهل هذه المسؤولية في هذه الأيام العصيبة على الاقتصاد الوطني خاصة وانها لا تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية على الوجه المطلوب طوال السنوات الماضية وتجني من هذا الاقتصاد مليارات الريالات من الأرباح دون أن تتحمل حتى ولو جزء من المسؤولية الوطنية في هذه الأيام التي سيظهر فيها قوة الاقتصاد السعودي بتكاتف وتضامن مجموعاته الاقتصادية الحكومية والخاصة للحفاظ على مكتسباته ومدخراته.