السوق يشطب مكاسبه في عام ونصف تحقيق - طوخي دوام: شهدت أسواق المنطقة، تراجعات متواصلة ازدادت وتيرتها في الجلسات الأخيرة، متأثرة في المقام الأول بضعف أسعار النفط التي لا تزال تثير موجة هبوط حادة، وهو ما دفع مؤشر بورصة قطر إلى تكبد خسائر قوية أمس فقد على إثرها ما يقرب من 600 نقطة، ليشطب بذلك المكاسب التي تحصل عليها منذ أكثر من عام ونصف العام. وأدى تراجع السوق إلى مطالبة اقتصاديين ومحللين ماليين بإيجاد وسيلة فعالة للحد من التقلبات التي تتعرض لها بورصة قطر من وقت لآخر، وحماية صغار المستثمرين في ضوء التطورات التي يشهدها السوق الفترة الأخيرة، مشيرين إلى أن حماية السوق من الأزمات الخارجية يسهم في الحفاظ على أموال صغار المستثمرين، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. ووصف الخبراء تراجع السوق بأنه مستورد، ولا يتفق مع ما يحققه الاقتصاد القطري من نمو مستمر وما تسجله الشركات من نتائج متميزة، مشيرين إلى أن الأحداث الخارجية أثرت سلباً على نفسيات المتداولين خلال الفترة الماضية، جراء الهبوط المتواصل في أسعار النفط، فضلاً عن عدم اليقين بشأن مستقبل نمو الاقتصاد العالمي وهو ما دفع الأسهم للهبوط إلى مستويات متدنية. وأكدوا أن تراجع مؤشرات البورصة "غير مبرر" خاصة في ظل النتائج المتميزة التي حققتها الشركات القطرية في النصف الأول، مشيرين إلى أن انخفاض أحجام السيولة وغياب المحفزات فضلا عن استمرار انخفاض أسعار النفط كان له تأثير سلبي على نفسيات المتعاملين بالسوق. وقالوا: إن الحالة النفسية لبعض المتعاملين أفرزت حالة من انعدام الثقة بالأسهم، ما يدل على أن البورصة تحتاج إلى جرعة ثقة من جانب صناع السوق في هذه الفترة والتي شهدت خروجا عشوائيا لبعض المتعاملين من أسهمهم خوفا من تكبد خسائر مالية كبيرة وقال الخبراء: إن الخسائر القاسية التي تعرضت لها بورصة قطر بنهاية الأسبوع الماضي وبداية هذا الأسبوع لا تتوافق مع الزخم الذي يوفره الاقتصاد القطري من فرص للنمو وزيادة للربحية، وأكدوا على قدرة السوق على تعويض الخسائر التي تعرضت لها على مدى الجلسات الماضية بدعم من قوة الاقتصاد والنتائج المتميزة التي حققتها الشركات في النصف الأول من هذا العام. ورهن هؤلاء المتخصصون عودة التداولات القوية في السوق بعودة حالة استقرار الأوضاع العالمية التيأثرت على أسواق المال في المنطقة الخليجية وعلى البورصة قطر متوقعين أن يعاود السوق مكانته السابقة بصورة تدريجية خلال نهاية الأسبوع الحاليأو مع بداية الأسبوع المقبل على أقصى تقدير عمليات بيع وقد تعرضت بورصة قطر لموجة من عمليات البيع بنهاية الأسبوع الماضي، فقد على إثرها مؤشر السوق أكثر من 500 نقطة من رصيده بانخفاض نسبته 4.32%، واستكمل مؤشر البورصة مسيرة الهبوط أمس وسط موجة من التراجعات الحادة تضرب هذه الأثناء معظم الأسواق العالمية والعربية وفقد المؤشر في جلسة الأمس 595 نقطة جديدة بما نسبته 5.25% هوت به إلى مستوى 10750 نقطة، ليواصل كسر حواجز المقاومة الجديدة مستقراً فوق حاجز الـ 10700 الذي يعول عليه المراقبون كثيراً، غير أن استمرار الأوضاع على شاكلتها الحالية ينذر بأن المؤشر العام للسوق في طريقه لتخطي هذا الحاجز ما لم تكن هناك تطمينات سريعة تحفظ للسوق استقراره. ولم تكن بورصة قطر هي الوحيدة التي تعرضت لموجة من التراجع والتصحيح، بل شمل التصحيح جميع الأسواق المحلية والعالمية، حيث تلونت جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية باللون الأحمر؛ بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، كما هبطت معظم الأسواق الخليجية أيضاً، فقد شمل التصحيح جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أنهت أسواق المنطقة تعاملات أمس على انخفاض كبير، بضغط من تدني أسعار النفط وتراجع الأسواق العالمية، وهبط مؤشر سوق دبي بنسبة 6.96%، تلاه السوق السعودي بتراجع 6.86%، ثم مصر متراجعاً بنسبة 5.4%، يليه مؤشر قطر بانخفاض نسبته 5.25%، ثم أبوظبي خامساً بتراجع نسبته 5%. وقال المحللون إن السوق يشهد الفترة الحالية حالة غريبة من الغموض تتجلى في الصعود والهبوط المتذبذب على غير العادة التي يعمل بها منذ فترات طويلة مؤكدين أن هذه الحالة قد تستمر لمدة أسبوعين قادمين على أن يعود السوق للاستقرار بعدها. معاناة الاقتصاد العالمي وعن حالة التراجع التي شهدتها بورصة قطر الأسبوع الماضي، قال المستثمر يوسف أبو حليقة إن ما تشهده سوق الأسهم من تراجع كبير نسبياً، يعد انعكاساً واضحاً لمعاناة الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن أسباب التراجع خارجية، فبطء الاقتصاد العالمي وتراجع وتيرته، بدأ يؤثر بشكل مباشر في اقتصاد دول الشرق الأوسط، ومن هنا رأينا موجة خسائر سيطرت على أسواق المال العربية، وكذلك الأسواق الخليجية التي تمر حالياً بمرحلة من التراجع غير المسبوق وغير المبرر. المحافظ المحلية واستبعد أبو حليقة أن تتمكن المحافظ الاستثمارية المحلية من لعب دور قوي في المحافظة على أداء الأسواق المحلية أو دعمها، وقال: لن تكون لدينا محافظ أقوى من المحافظ الأجنبية، فكما نرى في أسواقنا تغلب الاستثمارات الفردية على الاستثمار من خلال محافظ مالية، خصوصا أن أغلب المحافظ الموجودة في الوقت الراهن لم تتمكن من إثبات نفسها خلال الفترة السابقة. وقال:إن الخسائر القاسية التي تعرض لها المؤشر خلال الأسبوع الماضي، جاء نتاجاً لموجة البيع القوية التي نفذها المستثمرون مع إغلاق الخميس الماضي،وتوقع أن تشهد تداولات اليوم عمليات تعديل للأسعار التي انخفضت ما يدل على أن السوق يسير في مساره الطبيعي عدم التسرع ودعا أبو حليقة المستثمرين أن يتخذوا قراراتهم الاستثمارية اعتماداً على العقل والبعد عن الهلع الاستثماري والانفعال وعدم التسرع أو الانسياق وراء الآخرين، والتحكم في رد الفعل تجاه مؤشر السوق، وشدد على أن البورصة القطرية قادرة على امتصاص أي تراجعات مؤقتة، بفضل المناخ الاستثماري المشجع نظراً النتائج المشجعة التي تحققها الشركات والبنوك المدرجة، إضافة إلى الثقة التي يقدمها الاقتصاد الوطني للمساهمين ما يجعلهم مطمئنين على استثماراتهم. وهي كلها عوامل إيجابية تساعد سوق الأسهم على التماسك ومواصلة تحقيق المكاسب. عوامل خارجية واتفق المحلل المالي تامر حسن مع أبو حليقة في الرأي في أن تراجع البورصة هو نتيجة عوامل خارجية، وأضاف: إن ما حدث في تداولات الخميس الماضي هو من الحالات الاستثنائية التي مرت على البورصة، وهو يشكل عبرة لصغار المتداولين الذين انهمروا في التخلص من الأسهم خوفاً من الإشاعات التي أطلقت في السوق وساهمت بطبيعة الحال في هبوط المؤشر العام للسوق بنحو 595 نقطة. صناع السوق وأضاف: غياب صناع السوق وعزوف كثير من المحافظ والصناديق والبنوك عن الدخول بقوة في البورصة قد يكون متعمدا بهدف الضغط على السوق والوصول بأسعار بعض الأسهم إلى مستويات معينة قبل شرائها. وأكد حسن على ضرورة أن يكون المستثمر المؤسسي المحلي هو صاحب اليد العُليا، وأن يكون هو نفسه المبادر في اقتناص الفرص الاستثمارية وتكثيفها في الأسواق المحلية. متسائلاً عن أسباب الغياب الكبير للمؤسسات الاستثمارية المحلية، وفي المقابل، سيطرة صغار المستثمرين في السوق هي الغالبة، والتي كثيراً ما تقوم قراراتهم الاستثمارية على العاطفة قبل العقل. نتائج الشركات وأشار إلى أنه على الرغم من أن نتائج معظم الشركات جاءت ضمن النطاق الإيجابي إلا أن السوق لم تبد تأثراً واضحاً بتلك النتائج، ويأتي ذلك في ظل انعدام المحفزات الاقتصادية التي من شأنها أن تدفع المستثمرين للشراء فضلا عن استمرار ضعف الثقة التي يعاني منها السوق منذ فترة. ودعا حسن إلى ضرورة الإسراع في دعم الاتجاه الذي ينادي بضرورة وجود صناع سوق أقوياء في البورصة لوقف الخسائر لا سيما من جانب صغار المستثمرين. وقال: إنه أثيرت منذ فترات ماضية قضية ضرورة وجود صناع سوق يجعلون البورصة مستقرة عندما تتراجع لأي سبب وهذا يعود إلى أهمية وجود لجنة سوق فاهمة وواعية لما يدور في الأسواق العالمية. وطالب الجهات المسؤولة بضرورة تبني استراتيجية واضحة لعمل صناع السوق والوقوف على أرضية صلبة وهي مهمة إدارة البورصة حتى لا يكون العبء ثقيلا على صناع السوق. وأضاف: إن أهمية وجود صناع للأسواق المالية تظهر عندما تكون أسعار كثير من أسهم الشركات المدرجة بالسوق معرضة للتذبذب بنسب كبيرة، اعتماداً على الإشاعات والمضاربات، ودون مبررات منطقية، بحيث تصبح أسعار أسهم هذه الشركات لا تتناسب ومستوى أدائها أو القيمة الحقيقية لأصولها. صناديق الاستثمار وبيّن حسن أنه وفي ظل غياب صناع السوق في البورصة، فمن المفترض بالاستثمار المؤسسي والذي يتكون من صناديق الاستثمار المشترك، وصناديق التقاعد والمعاشات، إضافة إلى محافظ المصارف، أن يكون له دور مشابه لدور صانع السوق من خلال الحفاظ على استقرار البورصة. ورأى أن عودة الأوضاع في الأسواق المالية العالمية كما كانت عليه أو الوصول لهدوئها على الأقل سيعيد الاستقرار في تداولات المرحلة المقبلة في الأسواق المحلية وخاصة بورصة قطر وتحسين مستويات صعودها بصورة تدريجية حتى تبلغ الارتفاعات السابقة ونصح حسن صغار المستثمرين بضرورة توخي الحذر والحيطة حين يمر السوق بأي حالات غير طبيعية وألا ينساقوا جراء ما يطلق من إشاعات تخدم في المقام الأول بعض المضاربين الذين يساهمون في ترويجها لشراء الأسهم بأسعار رخيصة ومن ثم بيعها بأسعار مرتفعة.