«السماح بإسعاف حالات العنف والإيذاء داخل مدارس البنات».. ماذا يعني هذا العنوان العريض البارز الذي اعتلى الصفحة الأولى في هذه الصحيفة يوم السبت الماضي؟؟ بماذا يوحي؟؟ وما هي دلالاته؟؟ الجواب مباشر وبسيط ولا يحتاج إلى اجتهادات أو فذلكة. الجواب أن هذه القلاع القليلة من المباني الحكومية، والعمائر المتهالكة الكثيرة المستأجرة التي يتم إعادة تشكيلها لتصبح أشبه بعلب السردين المقفلة، لم يكن مسموحا فيها بإسعاف مثل تلك الحالات. الخبر يقول إن وزارة التربية والتعليم لشؤون البنات أصدرت تعميما يفيد بالسماح للفرق الإسعافية بمباشرة الحالات الطبية داخل المرافق التعليمية بعد أن عرفت الوزارة أن اللجنة الفرعية لحماية الطالبات والمعلمات من حالات العنف والإيذاء بإدارة تعليم الرياض وجدت صعوبات في التعامل مع حالات العنف وذلك ما أفقدها خصوصيتها وسريتها وتأخر وصول الخدمات اللازمة لها، لذا فقد وضعت الوزارة آلية توضح الجانب الإجرائي والوقائي للتعامل مع تلك الحالات.. والخبر هنا يختص بحالات العنف والإيذاء، مع أن المشكلة أكبر وأخطر من هذا الجانب رغم أهميته، فحالات الإسعاف أيا كانت أسبابها داخل المدارس لا يتم إنقاذها غالبا إلا بعد فوات الأوان. كم مرة شب حريق في مدرسة وتفحمت أجساد الصغيرات بينما الاتصالات بين الإدارات المعنية جارية لضمان خصوصيتهن. وكم حالة مرضية تحتاج إلى إسعاف عاجل تأخر إنقاذها لأن ولي الأمر غير حاضر أو لأن إدارة المدرسة ملتزمة جدا باستيفاء كل الضوابط النظامية لإسعاف الطالبة، وهي ضوابط تؤدي في النهاية إلى إزهاق الروح. كم حالات اختناق وطوارئ بمختلف أشكالها وقفت التعليمات العقيمة ضد التعامل معها بسرعة وكانت النتائج كارثية. لا الوزارة راجعت نفسها بعد حوادث لا حصر لها. ولا المرجعيات المعنية بحقوق الإنسان تدخلت. ولا الجهات الأمنية اعتبرت الحد من تلك المآسي واجبا من واجباتها. الآن تذكرت الوزارة حالات العنف والإيذاء فقط. لكنها نسيت قائمة طويلة من المخاطر التي تهدد الصغيرات في تلك المباني المعزولة المحصنة بكل شيء إلا وسائل السلامة.