×
محافظة المدينة المنورة

غرفة المدينة المنورة تنظم لقاءً تعريفياً عن المشاغل النسائية

صورة الخبر

المنامة: مانويل الميدا عكست النبرة الحذرة لرئيسي الولايات المتحدة وإيران عند توقيع الاتفاق النووي الإيراني المرحلي، ومجموعة 5+1 (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي زائدا ألمانيا)، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، الانطباع بأن العملية ما تزال في مهدها. مع ذلك هناك أمل نسبي أن تحدث الاتفاقية التي تحد من تخصيب إيران لليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات، زخما إيجابيا يؤثر على محاولات التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع السوري. في هذا الصدد فقد يثبت أن وجود تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به في سوريا يمثل أكثر بكثير من مجرد مصدر إزعاج. لم يتأخر الرئيس الإيراني حسن روحاني في إطلاق تغريدته على «تويتر» عقب توقيع الاتفاق النووي: «غرض التعاون البناء والجهود الحثيثة لفرق المفاوضين فتح آفاقا جديدة». كان تعليق روحاني إيجابيا لكنه حذر، ويتباين مع فرح الشعب في إيران وتشوقه للشعور بآثار رفع العقوبات الاقتصادية عن حياته اليومية، وكآبة شجب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للصفقة بوصفه لها بـ«الخطأ التاريخي». وجاء بيان الرئيس أوباما مشجعا بشكل معتدل أيضا، وأوباما شأنه شأن روحاني الذي يواجه معارضة ببلده بسبب أسلوبه البناء مع «الشيطان الأكبر»، يحاول استثمار هذا النصر الدبلوماسي المحدود في وقت انخفضت فيه شعبيته في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، «بينما يعد إعلان اليوم مجرد خطوة أولى فإنه يحقق الكثير». ليست إسرائيل وحدها من يعارض الصفقة، فإن معظم دول الخليج العربي ما تزال على خلاف مع الولايات المتحدة بسبب الحرب في سوريا، وما يرون أنه انحناء من الولايات المتحدة لإيران وروسيا، ويساورها قلق عميق حول نيات إيران الحقيقية، رغم التغير الجوهري في الخطاب السياسي. وقد عبر زعماء دول الخليج صراحة عن حاجتهم للحصول على المزيد من التطمينات من إيران وانتقال إيران من مرحلة القول إلى الفعل. يكمن التهديد الأكبر لصفقة شاملة بين إيران ومجموعة 5+1 في موقف الكونغرس الأميركي الذي يميل دائما إلى فرض عقوبات جديدة على إيران. في تصريح حديث، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه لو فرضت عقوبات جديدة رغم اعتراض البيت الأبيض، فستكون ضربة مميتة للصفقة النووية. ورغم الاتفاق فما تزال إيران تبعث برسائلها حول تحيز الولايات المتحدة القوي بالنسبة لبرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلية، وحقيقة أن حليفة الولايات المتحدة ليست موقعة على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية. وتمنع الاتفاقية أي دولة من صنع أو السعي لصنع أسلحة نووية باستثناء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التي كانت تمتلك الأسلحة النووية أصلا عندما دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 1970. لا يرى الإيرانيون ببساطة منطقا في الدعوة لشرق أوسط خال من الأسلحة النووية بينما يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بترسانتها. ورد إسرائيل المعتاد على ذلك هو أنه طالما ظلت الظروف الأمنية عدائية بشكل أساسي في المنطقة فلن توقع على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية. وتقول إسرائيل أيضا إن الدول الموقعة على الاتفاقية في منطقة الشرق الأوسط تنتهكها بصورة دائمة، وعلى سبيل المثال العراق وسوريا وليبيا وإيران. رغم ذلك، هناك جو دبلوماسي مختلف وبناء أكثر في المنطقة. وفهم ضمني بين القوى الغربية ودول الخليج وإيران وروسيا والصين بضرورة إيجاد خطة للانتقال السياسي في سوريا. بالنسبة لأكثر المراقبين لسياسة المنطقة تفاؤلا، فقد يكون العام المقبل عاما فارقا بالنسبة للجهود الرامية لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. * نحو صفقة شاملة * في النظام السياسي الذي يكون فيه المرشد الأعلى هو متخذ القرار المطلق، فإن انتخاب روحاني ليس هو العامل الوحيد الذي يجب أخذه في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بتحديد الأسباب الحقيقية وراء التحول الجذري في سياسة إيران الخارجية. ومن المهم للغاية معرفة النيات الحقيقية لإيران. السؤال هو ما إذا كان قبول إيران بالاتفاقية المرحلية خطوة تكتيكية دافعها الأساس الحاجة لرفع العقوبات، أو رغبة أكثر عمقا في الانخراط مع الغرب وتحسين العلاقات مع جيرانها العرب. أضرت العقوبات الاقتصادية بالاقتصاد الإيراني ضررا بليغا وتسببت في استياء عميق وسط الشعب الإيراني تجاه الأسلوب المتعجرف السابق للرئيس محمود أحمدي نجاد. وازداد توجه ذلك الاستياء نحو آية الله علي خامنئي نفسه. في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال مارك فيتزباتريك، مدير برنامج منع انتشار الأسلحة النووية ونزعها بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، «الأثر المدمر على الاقتصاد الإيراني» انعكس في انتخاب الشعب الإيراني لروحاني. ويضيف فيتزباتريك قائلا: «مهمة روحاني هي محاولة رفع العقوبات، ومن أجل ذلك فهو مستعد لقبول بعض التنازلات التي لا تقبل بها إيران حتى اليوم». بينما يرى البعض أن ما حدث نتيجة لتغير عميق في توجه السياسة الخارجية باتجاه أسلوب أكثر تعقلا وبراغماتية. وليس بعيدا عن ذلك محاولة تحسين صورة إيران أمام العالم، وذلك يهم الإيرانيين كثيرا، لكن الطريق نحو اتفاقية شاملة بشأن البرنامج النووي الإيراني شائكة ومليئة بالعقبات. فمن ناحية يخيم دائما تهديد فرض الكونغرس لعقوبات جديدة رغم جهود إدارة أوباما لإقناع أعضاء الكونغرس بعكس ذلك، كما جاء في بيان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمام لجنة الشؤون الخارجية بالبيت الأبيض في وقت سابق هذا الشهر: «نطلب منكم أن تمنحوا مفاوضينا وخبراءنا الوقت والمجال لأداء مهمتهم، ويشمل ذلك طلبنا منكم عدم فرض عقوبات جديدة أثناء سير المفاوضات». يعتقد فيتزباتريك، الذي عمل لمدة 26 سنة دبلوماسيا أميركيا بما في ذلك نائب مساعد وزير الخارجية لمنع انتشار الأسلحة النووية، أنه سيكون «من الصعب للغاية التوصل إلى اتفاقية شاملة بنهاية فترة الـ6 أشهر، فلا يزال الجانبان مختلفين اختلافات جوهرية حول أهدافهما، فبينما ما تزال إيران تريد الاحتفاظ بخيارها النووي فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لا تريد أن يكون لإيران ذلك الخيار». وبحسب فيتزباتريك فإن هذا الاختلاف في الأهداف إضافة إلى العوامل الداخلية في الولايات المتحدة وإيران التي قد تقوض الاتفاقية، «تجعل من التسوية الشاملة أمرا عسيرا جدا. أعتقد أن الاتفاقية المرحلية ستمدد في الغالب بنهاية فترة الـ6 أشهر وستتواصل المفاوضات». هناك مقترحات بتوسيع مجموعة الـ5+1 لتصبح 5+2 بإضافة مجلس التعاون الخليجي كطرف في المفاوضات وذلك كوسيلة لمعالجة قلق دول الخليج العربي من الاتفاقية النووية. ورغم وجود قلق مشروع لدى دول الخليج من العملية وتعقيداتها بالنسبة لأمن منطقة الخليج العربي، فقد عبرت جهات أخرى عن شكها حول جدوى مجموعة 5+2 المقترحة. وكما صرح ألستر بيرت، عضو البرلمان ووكيل وزير بمكتب الكومنولث والخارجية البريطانية السابق لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «صعوبة توسيع المفاوضات لتشمل أعضاء أكثر ممن هم فيها أصلا أنها ستؤدي إلى ذريعة وجوب دخول أطراف أخرى أيضا». ويؤكد: «يجب أن لا تصل مجموعة الـ5+1 إلى خلاصة لم يسبق اختبارها بصورة تامة مع الشركاء الآخرين». يعتقد فيتزباتريك أيضا بصعوبة إضافة طرف له اختلاف جوهري مع الاتفاقية المرحلية الحالية. ويشير هنا إلى خطاب وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل خلال مؤتمر الأمن الإقليمي «حوار المنامة» هذا العام، الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، عندما قال إن هناك طرقا وآليات تشاور أخرى لإدراج مرئيات جيران إيران من دول الخليج في العملية. رغم قلق معظم دول الخليج العربي، فإن الاتفاقية المرحلية تمثل انحرافا عن الوضع ما قبلها. فهي تحد من مقدرات إيران النووية. ويسمح ذلك بوقت كاف لمجموعة 5+1 للتصرف في حال عدم التوصل لاتفاق بنهاية الصيف المقبل وقبل تمكن إيران من القيام بخطوة حاسمة تجاه سلاح نووي رغم إنكار إيران لتلك النية. جنيف 2... تتزايد الدعوات، بما فيها دعوات من روسيا، لإيران للانضمام إلى مؤتمر «جنيف 2» حول سوريا. وليس هناك حتى الآن ما يشير إلى مشاركة إيران. لكن المؤتمر الذي سيعقد في 22 يناير (كانون الثاني) وما سيليه مباشرة من آثار، يتوقع أن يكون الاختبار الأول الكبير لحسن نية إيران بعد الاتفاقية المرحلية حول برنامجها النووي. قال سيد حسين موسفيان، وهو دبلوماسي إيراني سابق ومتحدث عن إيران في مفاوضات البرنامج النووي الإيراني مع الاتحاد الأوروبي، متحدثا إلى «الشرق الأوسط»: «هناك فرصة 50 في المائة». وحذر من أن مؤتمر «جنيف2»: «سيفشل دون مشاركة جميع الأطراف الإقليمية والدولية الرئيسة بما في ذلك إيران». وأضاف: «ستكون إيران مستعدة للمشاركة، لكني لا أتصور أن تقبل إيران أي شروط مسبقة». وحول ما إذا كانت إيران مستعدة لقبول فكرة سوريا من دون الأسد قال موسفيان: «لقد ظلت إيران على موقفها بشأن انتخابات حرة ونزيهة في سوريا منذ بداية الأزمة. وستدعم إيران أي قرار يتخذه الشعب السوري». وردت إشارات إيجابية من إيران وبعض مناصري نظام بشار الأسد خلال هذا الشهر، فلقد ذكر الرئيس روحاني لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن هدف مؤتمر «جنيف2» يجب أن يكون التحضير «لتنظيم انتخابات حرة تماما ودون شروط مسبقة». كما سلم مندوبو روسيا والصين في مؤتمر الأمن الإقليمي «حوار المنامة» بتطلعات الشعب السوري نحو الحاجة إلى التغيير في سوريا. وقال المندوب الروسي بضرورة وجود فترة انتقالية جديدة باتفاق طرفي النزاع. على أن الجو الإيجابي لم يقنع على كل حال المراقبين الآخرين بالفاعلية الحقيقية للاتفاقية المرحلية، التي يمكن تطبيقها على الجهود الدبلوماسية بغرض التوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري. قال إيميل هوكايم، وهو مسؤول أمني إقليمي كبير في مؤتمر الأمن الإقليمي «حوار المنامة»: «لا بد أن نفرق، رغم أنهما متشابكان» (برنامج إيران النووي والدور النشط لإيران في الحرب في سوريا)، فهو يعتقد أن دول الخليج يجب أن تقبل حضور إيران لمؤتمر «جنيف2»، لكن فقط بشرط قبول إيران لمبادئ مؤتمر «جنيف1». وأضاف قائلا: «سيكون من الخطأ فرض شروط مسبقة على النظام السوري أو على المعارضة في جنيف، لكن بالنسبة للاعبين الإقليميين فإن الشروط المسبقة عادلة. وعلى إيران أن تقبل مبدأ الانتقال السياسي». حظي بيان جنيف الصادر في يونيو (حزيران) 2012 بقبول الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية وتركيا والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن. وأكد البيان الالتزام بسيادة واستقلال سوريا ووحدتها الوطنية وتكامل أراضيها وطالب بالتنفيذ الكامل لخطة كوفي أنان ذات النقاط الست، إضافة إلى قراري مجلس الأمن رقمي 2042 و2043، كما دعا ضمن أمور أخرى جميع الأطراف إلى «إعادة التزامها بوقف مستدام للعنف المسلح بجميع أشكاله». ونظرا لدور إيران النشط في النزاع السوري فإن قبول تلك المبادئ والالتزام بها سيجبر إيران على تعديل استراتيجيتها بشأن سوريا بشكل كبير. ويعتقد ألستر بيرت أن الأثر المحتمل للاتفاق المرحلي على الجهود الدبلوماسية حول سوريا «يعتمد كثيرا على ما سنكتشفه حول النية الحقيقية لإيران، وما إن كانت ستلتزم بالشروط المحددة في الاتفاقية». كما تطرق إلى حجة أخرى: «بينما نجحت إيران في توجيه نظر بقية العالم إلى المسألة النووية، فيمكنها مواصلة دعمها للنظام». ويضيف بيرت: «وجهة نظري الشخصية تتركز في الاحتمال الثاني أكثر منه في الاحتمال الأول». كما يقول بيرت سيكون أثر الاتفاقية «هامشيا بالفعل» ومن المهم الفصل بين المسألة السورية والاتفاقية المرحلية. «هناك أسباب لوضع نهاية لذلك النزاع، وهي أسباب ملحة بكل ما في الكلمة من معنى ومنفصلة تماما عن الاتفاقية». يدرك فيتزباتريك أن «للاتفاقية المؤقتة عوامل خارجية إيجابية، أثر إيجابي على الطريقة التي ينظر بها إلى إيران». وهي توضح مقدرة إيران على تقديم التنازلات وإبراز قيادة أكثر براغماتية، لكنه متشكك بشأن أن يكون دور إيران في المفاوضات السورية أكثر إيجابية وأقل تعويقا. ظلت إيران عقبة رئيسة أمام الطريق نحو السلام في سوريا ولكنها لم تكن الوحيدة بالتأكيد. يقول هوكايم مؤلف كتاب «انتفاضة سوريا وتشرذم الشرق» إنه في ظل الظروف السياسية الراهنة فإن الحل السياسي «يبدو غير محتمل على المدى القصير أو المتوسط». وذكر قائمة من العوامل والديناميكيات الذاتية الدفع على الأرض وإقليميا التي تجعل من أي حل سياسي في هذه المرحلة غير محتمل إلى حد بعيد. وتشمل تلك العوامل نشوء حرب اقتصادية في سوريا والانقسامات في جانب النظام والمعارضة المسلحة على حد سواء، إضافة إلى عدم وجود موقف موحد بين الداعمين الدوليين والإقليميين للمعارضة المسلحة. بالإضافة إلى هذه المخاوف يكمن قلق حول وجود «القاعدة» على الأرض في سوريا.. الأمر الذي قد يحول دون الوصول إلى حل سياسي. في اجتماع لمجموعة من الصحافيين حضرته «الشرق الأوسط»، دحض وفد رفيع المستوى من ائتلاف المعارضة السورية (ائتلاف جماعات المعارضة المعتدلة) والجيش السوري الحر (المعارضة المسلحة المعتدلة) المخاوف حول أثر تعليق سفير الولايات المتحدة ريان كروكر أوائل هذا الشهر. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نقلت عن كروكر قوله: «نحتاج لبدء الحوار مع نظام الأسد مجددا». في إشارة إلى المسائل المتعلقة بمكافحة الإرهاب وغيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك. ولم تصدر عن إدارة أوباما تعليقات مماثلة، لكن موقفها بشأن النزاع السوري خلال العام الماضي لا يشير إلى أن «القاعدة» والجماعات المرتبطة بها، وتحديدا الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام وجبهة النصرة، هي عوامل هامة في الطريقة التي تحدد بها الولايات المتحدة استراتيجيتها وأولوياتها الخاصة بالنزاع. وقد أحجمت الولايات المتحدة، وبصورة عامة أكثر الجهات الغربية الداعمة للمعارضة المعتدلة، عن تقديم أسلحة ثقيلة ومعدات عسكرية هامة إلى المعارضة المسلحة، على الأقل جزئيا، بسبب الخوف من وقوع تلك الأسلحة والمعدات بأيدي المتطرفين. يرفض ألستر بيرت فكرة أن وجود «القاعدة» والجماعات المرتبطة بها في سوريا يعد عاملا حاسما في النزاع بالطريقة التي أخذت بها في الاعتبار حكومة المملكة المتحدة خياراتها الخاصة بالنزاع: «لا، لا أعتقد أنه كان لذلك أثر على المملكة المتحدة». وقال: «إن المملكة المتحدة حذرة للغاية حول وجود (القاعدة)». لكنه أكد دعم حكومة المملكة المتحدة المتواصل للمعارضة المعتدلة خلال مجموعة أصدقاء سوريا. كما دحض بيرت فكرة أن تكون الولايات المتحدة راغبة، كما هو الحال بالنسبة للمملكة المتحدة، في الحوار مع الأسد، وأكد أن «أفعال النظام هي التي تشجع الإرهاب». على كل حال يدرك بيرت أنه «ليس هناك دعم برلماني لتقديم أسلحة أو أي شيء من هذا القبيل»، وأن وجود «القاعدة» وفكرة أن تقع الأسلحة في الأيدي الخطأ قد «تكون ما يشغل بال نواب البرلمان». في أغسطس (آب) من هذه السنة خسرت حكومة ديفيد كاميرون مشروع قرار في البرلمان حول إمكانية مشاركة المملكة المتحدة في عمل عسكري ضد نظام بشار الأسد لردعه ضد استخدام الأسلحة الكيميائية. ويوافق هوكايم على أن «الخطر يكمن في أن يقوم المسؤولون الغربيون اليوم باعتبار (القاعدة) تمثل تهديدا أكبر بكثير من نظام بشار الأسد ذاته، مما سيفتح المجال أمام التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاستخباري مع نظام الأسد» وستكون تلك «نتيجة وخيمة». ويضيف هوكايم: «إن دمج مكافحة الإرهاب في مجمل السياسة الغربية الخاصة بسوريا يعد مأساة حقيقية»، فذلك لا يعطي نظام الأسد الشرعية فحسب، بل يؤدي إلى تطرف المعارضة أكثر. بينما يماط اللثام عن هذه النقاشات وصل النزاع السوري إلى مرحلة جمود؛ إذ يواصل نظام الأسد مقاومة غارات المعارضة المسلحة بالدعم العسكري من إيران وحلفائها، لكن النظام يبقى عاجزا إلى حد كبير عن الاحتفاظ بالمناطق التي يستعيدها من قوات المعارضة المسلحة. وقد صرحت المعارضة المعتدلة بنقص الدعم الدولي والفجوة الناتجة في القوة النارية بينها وبين النظام. المفارقة المحزنة هي أن المتطرفين «طعنوا الثورة في ظهرها» كما قال أحد أعضاء الائتلاف الوطني السوري طلب عدم ذكر اسمه، في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويدعي أعضاء المعارضة أن مقاتلي الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام لا يقاتلون النظام كما أن النظام لا يقاتلهم. فهم مهتمون أكثر بتأسيس موطئ قدم لهم لنشر آيديولوجيتهم وتوفير الأدوية والطعام وغير ذلك من الخدمات، إضافة إلى اغتيال قيادات الجيش السوري الحر. حسب الوضع الراهن لا يملك الجيش السوري الحر الوسائل اللازمة لخوض حرب على جبهتين، ولهذا جعل الحرب ضد النظام أولويته. لاحظ هؤلاء الأعضاء من المعارضة أن مقاتلي الجيش السوري الحر يفوقون مقاتلي جبهة النصرة في العدد بأكثر من نسبة 10 إلى واحد، لكن جبهة النصرة تتلقى دعما مهما أكثر بكثير. مفارقة أخرى هي أن نظام الأسد استغل المتطرفين في الماضي، فعل ذلك في سوريا وفي لبنان وفي العراق بعد غزو عام 2003 الذي سلح بعده النظام المتطرفين الذين كانوا مسجونين في سوريا وأرسلهم إلى العراق ليقاتلوا الأميركان ثم زج بهم في السجون مرة أخرى عند عودتهم. يضيف هوكايم في هذا الخصوص: «فكرة أن نظام الأسد حاجز حقيقي لهذه الجماعات عارية عن الصحة تماما». طرأ تطور مهم على الأرض بإعلان تكوين الجبهة الإسلامية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني). وما جاء في بيان المجموعة عبارة عن مظلة نتجت عن «الدمج التدريجي» لعدد من الأجنحة الإسلامية الهادفة إلى الإطاحة بالأسد وتأسيس دولة إسلامية. ويعتقد الخبراء أن ذلك قد يلعب دورا مضادا لموازنة جبهة النصرة والدولة الإسلامية بالعراق وبلاد الشام، لكنها تمثل أيضا تهديدا للجيش السوري الحر المعتدل. في الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول) أعلنت كل من حكومتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا عن إيقاف المساعدات غير الفتاكة للمعارضة السورية في شمال البلاد. وجاء هذا القرار بعد قيام الجبهة الإسلامية بالسيطرة على مخازن تابعة للجيش الحر على الحدود التركية تحوي على مساعدات أميركية للجيش الحر. لا تعد المعارضة المعتدلة فقط هي الحاجز الحقيقي أمام صعود الجماعات المتطرفة في سوريا، ولكن في غياب دعم دولي أكثر للمعارضة المسلحة فهذا يعني أنه سيعوزهم الفاعلية الضرورية على الأرض حتى تترجم في مؤتمر «جنيف2» إلى ضغط من أجل صفقة تشمل رحيل الأسد. في ظل هذه الظروف فإن الضغط الذي يمكن للدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي ممارسته على الأسد قد يكون حاسما. حتى لو خرج المؤتمر مثمرا فهو لن يعدو تمثيلا لبداية جولة من المحادثات التي يمكن أن تمتد إلى ما لا نهاية. ستستمر الحرب وستتواصل خسائرها البشرية والمادية في التصاعد. في ظل الظروف الراهنة، من المحتمل جدا أن لا يفي مؤتمر «جنيف2» بهدف المعارضة المعتدلة: التراضي على اتفاق حول حكومة انتقالية يشكلها مسؤولون من النظام وشخصيات من المعارضة باستثناء الأسد والدائرة المقربة منه. قال ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني في حديث له أخيرا: «علينا أن نأمل أن تكون سنة 2014 هي السنة التي نطوي فيها صفحة النزاع السوري ونجعل بها حل الدولتين لعملية الشرق الأوسط قريب المنال، ونقوم بكل ما يمكن للتفاوض من أجل تسوية شاملة مع إيران حول برنامجها النووي». وسط كل ما هو مجهول وغير متيقن منه ستكشف 2014 إلى أي مدى كان ذلك تمنية للنفس بالأماني. *مساعد رئيس التحرير للموقع الانجليزي