كثيرا ما هاجم القراء بعض كتاب المقالات «كاتب المقال أحدهم»، حين يستدعي الكاتب دراسات وإحصاءات من العالم الخارجي ليدعم فكرته، وعادة ما يأتي نقدهم أو هجومهم المبرر بمقولة عقلانية جدا: «المجتمعات لا تتطابق أبدا، وليس دائما ما يصلح لمجتمع بالضرورة أن يصلح أو ينطبق على مجتمع آخر يختلف عنه بالثقافة والعادات والتقاليد». ولكن ما لا يعرفه القارئ أن بعض الكتاب على الأقل يحاولون البحث وبصدق عن دراسات صدرت من أكاديميات وجامعات لدينا، لكن بحثهم دائما ما ينتهي بمقولة واضحة وصارمة من الجامعات «لا يوجد لدينا دراسات في هذا المجال». أعرف أن بعض القراء «ملكعين» وسيقولون للكاتب: «هات برهانك إن كنت من الصادقين». حسن.. ها كم ما قاله أستاذ العلاج الأسري في جامعة أم القرى الدكتور «محمد القرني»، في تصريح له: «تشير الإحصاءات الرسمية في المجتمعات الغربية إلى تنامي حوادث العنف الأسري الموجه تجاه الأبناء والزوجات، ففي سويسرا ارتفعت نسبة العنف الأسري 45% في 2003م مقارنة بالعام الذي قبله، وفي الولايات المتحدة الأمريكية تشير التقديرات الإحصائية إلى أن نسبة النساء اللاتي يتعرضن للعنف الأسري بلغت 22%، وأن نسبة العنف الأسري 11% من نسبة العنف، وفي المملكة المتحدة بلغت النسبة 30%، وكل هذه التقارير الإحصائية التي تصدر من دول العالم تشير إلى تنامي هذه الظاهرة وخطورة آثارها على الأسر، فهناك الكثير من الآثار البدنية والنفسية والاجتماعية التي يتعرض لها أفراد الأسرة المعتدى عليهم».. انتهى كلام الدكتور. .. وأكمل: إن كان أساتذة الجامعات الذين لدى جامعاتهم القدرة المالية والتقنية على توفير كل ما يحتاجه الباحث من مال ودارسين وطلاب للقيام بدراسات وإحصاءات على مجتمعنا بأي اتجاه، لا يفعلون شيئا، أو لا يقدمون هم «والجامعات ــ الأكاديميات»، أي دراسات وإحصاءات لمن يريد قراءة واقع المجتمع، هل من العدل أن نطالب كاتبا لا يملك العدة والعدد بألا يحضر دراسات وإحصاءات خارجية ليقيس بها على المجتمع، وأن يقوم بهذه الدراسات، فيما جامعتنا بدكاترتها يستدعون الدراسات من الخارج، مع أن الدولة تصرف المليارات على الجامعات سنويا؟ ويبقى سؤال أخير: ماذا تفعل جامعتنا، أو ما الذي تقدمه سوى ما تقدمه وزارة التربية والتعليم «محو الأمية»؟.