بدأت مدينة سوسة السياحية في تونس باستعادة عافيتها تدريجيا بعد نحو شهر من الهجوم الارهابي الدامي لكن نسق تدفق السياح الأجانب لا يزال متعثرا. واهتزت صورة القطاع السياحي في تونس بقوة بعد هجوم نفذه عنصر مسلح على فندق "ريو امبريال مرحبا" في 26 يونيو الماضي مخلفا 38 قتيلا أغلبهم من البريطانيين والعشرات من الجرحى. ورسمت الطريقة التي نفذ بها المسلح وهو يتحرك بهدوء أثناء هجومه بدءا من الشاطئ ضد السياح الممددين ثم داخل النزل قبل أن ترديه وحدات امنية قتيلا بعد وقت من مغادرته، تحفظات قوية لدى دول غربية من قدرة تونس على تأمين رعاياها من السياح، وعقب الحادث غادر الآلاف من السياح على الفور بينما أوصت بريطانيا مواطنيها بعدم التوجه الى تونس. وقالت مندوبة السياحة بسوسة سلوى القادري "بعد الهجوم الارهابي سجلنا تراجعا في النشاط السياحي بلغ نحو 80 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، الآن لا زلنا في ذروة الموسم السياحي ونأمل ان يكون هناك تدارك في الفترة المقبلة". واستعادت المقاهي والمطاعم المطلة على الكورنيش الممتد في منطقة بوجعفر حركتها غير أن النقص في عدد السياح بالنزل وعلى الشاطئ بدا ملحوظا خلال الشهر الجاري. وبحسب أرقام قدمتها مندوبية السياحة هبط عدد السياح في سوسة من 19 ألف في شهر يونيو الماضي إلى ثلاثة آلاف فقط خلال الشهر الجاري وهو أمر أوجد صعوبات اقتصادية لأكثر من 120 فندقا تضمها المدينة. وقدرت وزير السياحة سلمى اللومي الخسائر المترتبة عن الهجوم الارهابي بأكثر من 500 مليون دولار، وكانت الوزارة أعلنت عن اجراءات عاجلة لمنع انهيار القطاع الذي يشغل 400 الف عامل ويساهم بنسبة 7 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي. ومن بين تلك الاجراءات تأجيل سداد القروض لمدة عام إضافي ومنح قروض جديدة ميسرة وإعادة جدولة الديون الجبائية وإقرار تخفيضات في النقل الجوي والبحري للجالية التونسية بالخارج. وفي خطوة لتعويض النقص لدى السياح الأوروبيين، أعلنت الوزارة عن منح امتيازات للسياح الجزائريين وتحسين الخدمات المقدمة لهم لا سيما في المعابر الحدودية وإلغاء ضريبة المغادرة لغير المقيمين والمقدرة ب30 دينارا. وقالت سلوى القادري "ثمة عودة تدريجية للسياح بشكل الخاص من الجزائر ومن داخل تونس. السياح الأوروبيون تقلص عددهم بشكل واضح". وأضافت القادري "الألمان لم يقطعوا رحلاتهم الى تونس لكن عددهم لم يرتق الى المعدل السنوي للأعوام الماضية". وتستقطب المدينة التي تبعد 120 كيلو مترا جنوب شرق العاصمة وتلقب بجوهرة الساحل ما بين مليون ومليون و100 ألف سائح سنويا لكن حتى شهر يوليو لا يزال الرقم في حدود 500 ألف. ومثل سائر المدن السياحية في تونس تعول سوسة على قدوم أكثر ما يمكن من السياح الجزائريين هذا العام لإنقاذ الفنادق من خطر الكساد. والعام الماضي مثل السياح المغاربة قرابة نصف عدد السياح الوافدين على تونس، حيث يأتي الليبيون في المركز الأول بنحو مليون و800 الف زائر بينما يأتي الجزائريون في المركز الثاني بقرابة المليون سائح. وقال الخبير في السياحة ومدير المرصد التونسي للسياحة عفيف كشك "يحتاج القطاع السياحي لوقت طويل للتعافي وحتى يعود السياح الى تونس بنفس النسق". وأضاف كشك "طالما الوضع في ليبيا ليس واضحا سيظل الخطر قائما والوضع غير آمن بتونس".