×
محافظة المنطقة الشرقية

ثقافي / فنون الباحة تختتم أمسياتها الإنشادية

صورة الخبر

حين كنتُ صغيرا كانت الليلة الأخيرة في رمضان هي أجمل الليالي، فبشائر العيد واللبس الجديد حينها مع ترنيمة محمد عبده في قناتنا السعودية الوحيدة آنذاك تصنع جوا من الفرح لا يعرفه إلا من عايشه بكل تفاصيله القديمة المترسخة في تجاويف ذكريات الفؤاد. ما زلت أذكر رائحة جدتي وأنا أُقبل يدها وعيني على اليد الأخرى وهي حاملة النقود والحلوى لتكافئ صغيرها المشع سعادة. ما زلت أذكر منزل جدي لوالدتي هناك في سوق الليل ثم الحجون، وما زلت أذكر طبخ جدتي لأمي ونساء العائلة، إذ تتفنن كل واحدة في صنع أو جلب جواهر السفرة ليوم العيد المرتقب، ولأن أهل مكة لهم في فنون الطعام نصيب، فلن تخلو سفرتهم التي تجمع كل العائلة من المأكولات التي نفتقدها اليوم، بل وقد لا يعرفها الجيل الجديد أصلا، فالدبيازة بلونها البرتقالي تستفز ملاعق الجائعين والزلابية ساخنة ومقرمشة و"المنزلة" لا تجيدها إلا ست البيت الأصيلة ولا يمكن أن تكتمل السفرة إلا بوجود الجبنة والزيتون و"الأمبة" وقائمة مما لذ وطاب تجمع العائلة وبكل حب وود. أما اليوم، فقد اقتحمتنا التقنية عنوة وأصبحت المعايدة بمسج والتصبيحة بواتساب وصور العائلة في إنستجرام وفيسبوك وتويتر. لم نعد نرى دفترا عند باب البيت وقد كتب فيه أحدهم "حضرنا ولم نجدكم". أصبحت الزيارات معدومة والاستراحات والملاهي والأسواق والمطاعم مستهدفا رئيسا للعيد، أصبح العيد إلكترونيا بامتياز فافتقدنا عناق الأحبة، نعم قد تكون المعايدة الإلكترونية حلا لمن أخذتهم الغُربة فابتعدوا عنا، لكن لا عذر لمن يعيش بيننا، ثم حتى في العيد لا نراه ويكتفي بإرسال "مسج" بارد مستنسخ يرسل لجميع جهات الاتصال! خاتمة: حتى وإن خط الشيب ما تبقى من شعر رأسي.. أبغى عيدية!