مع تعدد وسائل التواصل الاجتماعي وقلة الوعي في مجتمعنا نشطت الشائعات واستفحلت بشكل سريع، وذلك بحكم البيئة الخصبة التي تغذي منابعها باستمرار. فهناك فئة كبيرة من الناس تتلقى وتهضم الخبر على الفور دونما تفكير أو فلترة أو حتى تحليل، فهي قابلة أن تصدق وتنشر الشائعة دون التحقق والتثبت من مصادرها الحقيقية. وغالباً تنشط الشائعات مع سخونة الأحداث وذروتها، وحادث التفجير الذي هزَّ المجتمع الكويتي الأسابيع الماضية كان بيئة خصبة لرواج الشائعات المتعلقة بظروف الحادث وملابساته الدقيقة. ولعلّ أهم التداعيات السلبية للشائعات هي: 1- أنها تخلق الذعر والخوف في الناس خصوصاً التفاصيل التي تتعلق بأساليب العدو الإجرامية. 2- قد تخدم هذه الشائعات العدو حينما نروّج تهديداته، وبذلك نعطيه القوة والإمكانية النفسيّة في شلَّ قوانا. 3- كثرة الشائعات وخصوصاً الكاذبة قد تجعلنا نفقد الثقة بالمصادر الحقيقية التي تنشر الأخبار الصادقة، فقد يلتبس علينا الأمر ونفقد الرؤيا والمعايير الصحيحة 4- بعض الشائعات قد تكون فضائحية وتندرج في باب إشاعة الفاحشة والفجور بين الناس وديننا ينهانا عن نشرها كما في قوله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم) سورة النور/19. 5- بعض الشائعات قد تكون افتراءاً على أُناس أبرياء فنتهمهم زوراً وبهتاناً، كما في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) سورة الحجرات/6. لابد أن تكون لنا مسطرة من المعرفة والرقابة الذاتيّة لنقيس أي خبر أو معلومة تصلنا قبل نشرها كي نحمي مجتمعنا من الإرباك والبلبلة، فإن رغبة كل منّا في أن يكون له السبق الأول في نشر الخبر جعلنا نغرق في سيل الشائعات المفبركة والكاذبة والمرعبة أحياناً. فالهدهد كان أذكى وأدّق من البشر في نقل الأخبار حينما قال للنبي سليمان عليه السلام، في قوله تعالى: (وجئتك من سبأٍ بنبأٍ يقين) سور النمل/22 لم يقل قالوا، أو سمعت، كما نفعل اليوم سواء كانت الشائعة منطوقة أو مكتوبة عبر برنامج (الواتس أغسطس) حيث اننا ننسخ ونرسل إلى القروبات دون تفكير. والأمر الآخر (الدقة والتحقق والتثبت من الخبر، حينما قال له النبي سيلمان (ع) كما في قوله تعالى (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين). رغم أن النبي سليمان عليه السلام يثق بالهدهد ومتيّقن أنه لا يكذب مع كل هذا أراد أن يتيقن من صدق الخبر. من هنا علينا اتخاذ المحاذير والمعايير الرقيبة في ذاتنا أولاً قبل نشر الأخبار حتى نحمي مجتمعنا من أضرار الشائعات ومفاسدها. * أديبة روائية كويتية www.khawlaalqazwini.com