غادر الانجليزي مايك مورتون ذو الواحد والعشرين عاماً انجلترا بعد الحرب العالمية الثانية وتحديداً في عام 1945م على متن سفينة خالية كانت متجهة إلى فلسطين لنقل الجنود ليبدأ حياته العملية جيولوجياً بشركة نفط العراق، ليتنقل في أرجاء الشرق الأوسط في إطار أعمال التنقيب خلال الخمسة والعشرين عاماً التالية، وزار كافة مناطق امتياز الشركة تقريباً من وادي البقاع في لبنان إلى حدود فارس، ومن جبال قرداحة في سوريا حتى سواحل الخليج، ومن شمال عمان حتى ظفار ومحمية عدن الشرقية في اليمن. جاب مايك وزملاؤه أرجاء الجزيرة العربية خلال سلسلة من عمليات الحفر في جنوب شبه الجزيرة العربية بين 1947م و1954م في وقت كان سلوك هذه المناطق مغامرة خطيرة، ومن المفارقات أنه عند وصول مايك وزملائه إلى عدن في بداية عملهم في جنوب شبه الجزيرة العربية في خريف 1947م التقوا الرحالة ولفريد ثيسجر ذلك المستكشف العظيم الذي كان على وشك القيام بعبوره الثاني للربع الخالي كان لقاؤهم مفترق طرق لمستكشفي الصحراء عملياً ورمزياً فطريق الجيولوجي أدى إلى المستقبل من خلال النفط والثروة حيث تغير أسلوب الحياة، أما طريق ثيسجر فقاده إلى الماضي إلى أسلوب حياة البدو الذي لم يتغير على مدى قرون!! نقل مايك إلى عمان وشارك في عمليات (DEF) التي فتحت الداخل العماني أمام عمليات التنقيب عن النفط عام 1954م ليكتشف النفط في جبل فهود، وفي ستينات القرن العشرين دفعت مايك ظروف العمل للاستقرار في أبوظبي حيث أصبح مسؤولاً عن العمليات الجيولوجية في وقت اكتشاف حقل نفط بوحصا الكبير ولعل إقامته في أبوظبي امتدت خلال الفترة 1966 1971م. لقد كان مايك شخصية لافتة بشعره الأحمر، وطبعه الحاد أحياناً، ولكنه سرعان ما تعلم التحدث باللغة العربية وظفر باحترام البدو الذين أطلقوا عليه لقب (الشايب الأحمر). والتقط خلال جولاته الاستكشافية العديد من الصور الفوتغرافية ذات الدلالة التاريخية التي سجلت فيها العدسة أسلوب معيشة السكان وطرق المواصلات وأحوال البيئة وظروف الحياة بطريقة أبلغ من أي كلام يقال أو أي وصف يكتب وفي زمن لم يكن يعرف السكان ماهية الكاميرا فيظهرون على طبيعتهم بكل نقاء دون أي مؤثرات موهمة بخلاف الحقيقة. بعد وفاة مايك مورتون سجل ابنه مايكل كوينتين سيرة حياة والده في كتاب بعنوان (في قلب الصحراء) تضمن العديد من الصور الفوتغرافية وقد نشر لأول مرة في 2006م وبعد نشره تبقت صور كثيرة من مجموعة والده بلا نشر فقرر أن يجمعها مع غيرها في سجل فوتغرافي فريد لشبه الجزيرة العربية يشمل الفترة من بداية استكشاف ولفريد ثيسجر للربع الخالي وحتى اكتشاف النفط في المنطقة (19471971م) وضم صوراً لم يسبق نشرها لقوم لم يتح لهم سوى فرص قليلة للقاء أناس من الغرب في ذلك الزمان. يشير كوينتن في مقدمة كتابه الذي صدر عام 2011 عن المركز الوطني للوثائق والبحوث في أبوظبي باللغتين العربية والإنجليزية معاً تحت عنوان (الذهب الأسود والبخور) إلى أنه لولا صداقة السكان المحليين وترحيبهم لما تمكن العاملون في مجال النفط من القيام بمهامهم والتقاط تلك الصور ولذا فهو لم ينس أن يقدم غاية الشكر لأولئك الناس الذين وقفوا أمام آلات التصوير آنذاك، مشيراً إلى أهمية إتاحة أرشيفات ومجموعات الصور الخاصة بشركات النفط حيث استطاع المؤلف الاستفادة من صور أرشيف شركة النفط البريطانية بجامعة وارديك وصور أرشيف شركة النفط العراقية وصور أرشيف شركة تنمية النفط بعمان، مؤكداً أن والده لو كان على قيد الحياة لشعر بسعادة لنشر تلك الصور ولأهدى الكتاب لأهالي جنوب الجزيرة العربية التي عقد صداقات مع الكثير منهم.