تفاعلت قضائيًا وأمنيًا حادثة اختفاء خمسة أشخاص من الجنسية التشيكية في بلدة كفريا في البقاع الغربي في ظروف غامضة، واحتلت هذه القضية صدارة الملفات الأساسية لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية خلال اليومين الماضيين، حيث بدأت الأجهزة تعقّب أي أثر يقودها إلى كشف مصير هؤلاء وخلفيات اختفائهم وملابساته. وكانت السلطات اللبنانية عثرت صباح السبت على سيارة في منطقة كفريا، ووجدت في داخلها جوازات سفر وحقائب لأشخاص من جنسيات تشيكية وهم: شرفاك جان، حمصي آدم، دوبلس ميرسكلاف، كوفون بارفيل، وديبسيك مارلين بيسيك. وأظهرت التحقيقات الأولية أنّ السيارة تعود لشخص لبناني من آل طعان، يعتقد أنه كان موجودًا مع التشيكيين لدى حصول اختطافهم. ويجري البحث حاليًا عن صاحب السيارة والركاب التشيكيين لمعرفة مصيرهم. النائب العام التمييزي في لبنان القاضي سمير حمود، الذي يشرف شخصيًا على التحقيق وعمليات الدهم والبحث عن المختطفين المفترضين، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مسألة اختفاء هؤلاء الأشخاص كانت مفاجئة، خصوصًا أن العملية حصلت على ما يبدو في فترة تتراوح ما بين ليل الجمعة وصباح يوم السبت أثناء انتقالهم من بيروت إلى منطقة البقاع». وأشار إلى أن «الأمور لا تزال غامضة، ولم تتضح بعد خلفيات الخطف وما إذا كان هناك بالفعل خطف، ولا نعرف ما إذا كانت أسبابه سياسية أم مالية». وقال القاضي حمود: «لم يتبيّن لنا مدى الربط بين هذه العملية والمعلومات التي تداولتها وسائل إعلام عن توقيف شخص لبناني لدى السلطات التشيكية، لكن الأجهزة الأمنية على اختلافها تقوم الآن بعمليات التحري وجمع المعلومات التي من شأنها أن توصل إلى الإمساك بخيط يقود إلى تحديد مكان وجود التشيكيين وتحريرهم، وهناك أشخاص جرى الاستماع إلى إفاداتهم على سبيل المعلومات، لكن حتى الآن لا يوجد مشتبه بهم فعليون». ولفت النائب العام التمييزي إلى أن «الأجهزة الأمنية أبلغت السفارة التشيكية في بيروت بالعملية وهي على تواصل معنا، لكن لم يجر أي اتصال من السلطات التشيكية حتى الآن». مصدر أمني متابع للقضية قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأجهزة الأمنية لا تزال تتعقب أثر المختطفين المفترضين وهي تعمل على رصد حركة الاتصالات ضمن بقعة جغرافية محددة لكنها واسعة نسبيًا». ورأى أن «المفارقة هو أن هاتف السائق اللبناني مقفل، وموضوع خارج الخدمة قبل العثور على السيارة وجوازات سفر التشيكيين بنحو ثلاث ساعات، ولذلك لا يمكن الجزم ما إذا كان هو الضحية السادسة مع التشيكيين أو أن له علاقة بعملية الاختفاء أو عملية الخطف المفترضة». وشدد المصدر الأمني على أن «عمليات الدهم لنقاط محددة لا تزال مستمرة». من جهته أوضح وسام اللحاف ابن شقيقة سائق السيارة المفقود مع التشيكيين الخمسة في حديث تلفزيوني أمس، «إن الأجهزة الأمنية توسعت بالتحقيق مع أهل وأقارب السائق المفقود، لكن لا معطيات حتى الآن حول هذه القضية». وفي حال ثبوت واقعة الخطف تكون هذه العملية هي ثالث عملية خطف لأشخاص أجانب على الأراضي اللبنانية منذ انتهاء الحرب الأهلية التي ازدهرت فيها هذه الظاهرة، وهي تأتي بعد خطف سبعة سياح أستونيين في منطقة البقاع الأوسط في 23 مارس (آذار) 2011، قبل الإفراج عنهم من خلال صفقة لا تزال غامضة حيث تسلمتهم السفارة الفرنسية في بيروت في 14 يوليو (تموز) 2011، في منطقة سهل الطيبة عند الحدود اللبنانية السورية. وبعد عملية خطف طيارين تركيين في التاسع من أغسطس (آب) 2013 على طريق مطار بيروت الدولي، من قبل أشخاص مجهولين طالبوا بإطلاق سراح 9 لبنانيين شيعة كان احتجزهم مسلحون سوريون منذ أكثر من سنة في منطقة أعزاز السورية القريبة الحدود من الحدود التركية، ولم يفرج عن هذين الطيارين إلا في إطار صفقة تبادل ومفاوضات شاقة مع الخاطفين كانت السلطات التركية جزءا من هذه المفاوضات.