عندما يتعلق الأمر بأمن الأوطان، يصبح التكاتف والتآلف واجباً حتمياً وليس ترفاً، وتصير التضحيات رخيصة. هذا هو جوهر الرسالة التي يقدمها عرض «زين الأوطان» المسرحي، الذي يعرض حاليا على خشبة مسرح نادي كاظمة، والذي انطلقت عروضه الرسمية مساء أمس مع أول أيام عيد الفطر السعيد. (لما تحرم شيئاًَ قل يا ربي يا مغني... ينسيك لا تتذكر سلام على من يشكر... لما تذل نفسك قل يا ربي يا معز...فاذا بك تنهي وتأمر كريم لما يغمر... لما يكسر قلبك قل ياربي يا جبار... فاذا بالكسر يجبر قادر على ما لا يقدر)، هذه الكلمات لامست وجدان كل من كان حاضرا العرض، وهو عرض متكامل لم يخل من الفرجة والإبهار الحركي والبصري المدعوم بأربع شاشات جانبية وشاشة رئيسية، تعطي المشاهد شعور المعايشة الواقعية مع كل حدث على حدة، رغم أن البعض يعتبرها مغامرة، خصوصا وأنها مرتبطة بوصلات كهربائية غير مضمونة وقت العرض، إذ قد تتعرض إحدى اللوحات الكهربائية إلى عطل قد يؤدي إلى تعطل إحدى الشاشات، مما يفسد رسالة العرض، إلا أن حرفية طاقم العمل مع هذه الظروف كانت واضحة. ولعل ما حدث في العام الماضي من تخريب بفعل فاعل في أحد العروض المسرحية، جاء إيجابيا في تلافي الفريق لمثل هذه العقبات. قدمت الكاتبة هبة مشاري حمادة والفنان بشار الشطي والموزع ربيع الصيداوي في هذا العمل ملحمة موسيقية، تنوعت فيها المقامات والطبقات الغنائية حيث اعتمد الشطي في بعض اللوحات على موسيقات كلاسيكية، جاءت مناسبة مع الحوار الموسيقي بين أبطال العمل، وفي لوحات أخرى جاءت الموسيقى حماسية وتسيّدت الموقف حين ارتبط الموقف بحدث يمس الوطن. وحاولت حمادة في نصها أن تقلب ما هو سلبي إلى إيجابي، مؤكدة أننا نستطيع التخلي عن الدماء والحزن في حال استبعدنا النصف الأول من الكلمة، وأبقينا النصف الثاني ليكون «ماء» في إشارة إلى الحياة، وحين استبدلت «النار» بـ «النور»، وأيضاً «الرعشة» بـ «العِشرة»، لتوضح أن الحياة تمضي ونحن من نحدد مصائرنا ومصائر شعوبنا عندما نحسن التدبير. اختيار الممثلين كان موفقا كالعادة، باللجوء إلى أسماء انطلق أغلبها من المسرح النوعي، أمثال فاطمة الصفي وعلي كاكولي وحمد أشكناني، الذين أكدوا بما لا يدع مجالاً للشك نجوميتهم المسرحية، إضافة إلى الفنانة مروة بن صغير وبشار الشطي وحلا الترك وفرقة الشياب، وبتوجيهات المخرج «الفلتة» سمير عبود، حيث بدت مرونته الإخراجية في كيفية تنقل المشاهد بسلاسة، رغم وجود الديكورات الضخمة والوقت القصير وتنوع اللوحات وحركة المجاميع. عرض «زين الأوطان» دعا إلى التلاحم والتكاتف والتضحية، حين يستدعي الوضع لحماية أوطاننا في لوحة معبرة، غلفها علم الكويت في جنبات المسرح وسط تشجيع كبير من الجمهور، وهو عرض مدهش ومبهر، ينقصه فقط ضبط الايقاع الحركي أكثر من خلال تكثيف البروفات، وهو أمر سهل سوف يتجاوزه الفريق بالتأكيد في عروضه التالية، بعد أن قدّم الأهم في عمل بالغ الأهمية. شكراً «زين» دعت شركة «زين» كوكبة من نجوم الفن والإعلام، وأسماء مميزة في وسائل الاتصال الحديثة إلى مشاهدة العرض، قبل انطلاق عروضه الجماهيرية، حيث كان في استقبالهم مؤلفة العمل الكاتبة هبة مشاري حمادة، ومدير العلاقات العامة في شركة «زين» وليد الخشتي ومي الصالح، حيث تم استقبال الضيوف بحفاوة بالغة.