حينما أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم إقامة مباراة السوبر بين فريقي الهلال والنصر في لندن، تقافزت أصوات كثيرة ترى أن في الأمر تعديا على حقوق الجماهير السعودية وعدم احترامها، ويبدو أن القضية أخذت منحى أكبر حينما تداخل كتاب ومثقفون ليروا أن في الأمر ما هو أشد بإشارة منهم إلى أن "كرة القدم التنافسية" أصبحت للأغنياء فقط، وعلى الفقراء أن يبحثوا عن متعة أخرى. ومع الحدث الكروي السعودي الكبير كان جديرا أن يخرج من يوضح الأمر بكل تفاصيله، كما فهمناه نحن والأندية ومسؤولو الاتحاد بألا عدوان على حقوق الفقراء، ولا تمييز للأغنياء، وكل ما في الأمر أنها مباراة واحدة لا غير تمت بموافقة الناديين وبمقابل مادي مجز، والأهم أنها ستكون متاحة للمشاهدة عبر قنوات mbc، غير ذلك أن مباريات السوبر هي في العادة مباريات افتتاحية تشريفية، لا تجد دول كثيرة ضررا من إقامتها لأجل التسويق خارج بلدانها. والمعلومة الأهم أنه من الممكن أن يتخلى الاتحاد المحلي عن مباراة السوبر ويلغيها من جدولته، والاتحاد السعودي لم يعتمدها إلا من ثلاثة مواسم والهدف منها محليا ودوليا هو لأجل الربح المادي ولا شيء أكثر من ذلك، ففي كل بلد يتقابل بطلا الكأس الرسمية والدوري لأجل ذلك كمباراة افتتاحية من أجل جذب الجماهير وشدها إلى المدرجات من بداية الموسم، غير ما يسفر مثل ذلك عن مداخيل مالية أكبر، ولنا في عملية التسويق والجذب ما نحى إليه الاتحاد الأوروبي حينما ابتدع مباراة سوبر بين بطل أبطال أوروبا وبين بطل الدوري الأوروبي، وكلنا يدرك الفارق الفني الكبير بين المتنافسين لكن لأن "الرزق يحب الخفية" فلا بد أن تجرى مثل هذه المباراة، وللتذكير فإن برشلونة سيخوض سوبر أوروبا والسوبر المحلي، أي أنه سينشغل بسوبرين لا واحد. نعود إلى ما بدأنا به لنشير إلى أن الحملة القائمة على مباراة لندن لا نجد مبررا لها سوى أن بعضنا ما زال غارقا في المحلية حد أنه يخجل من أنه يخشى أن يرى الآخرون منافسته خجلا وتواريا، ومثل ذلك هو ما جعلنا متأخرين كثيرا، لأننا قد أهملنا التسويق الإيجابي للاعبينا وفرقنا إلى درجة أننا أصبحنا محليين وبالعلامة الكاملة. علينا أن ننفتح أكثر على كرة القدم في العالم ولا بأس إن عملنا على تأهيل لاعبينا لأجل تسويقهم لكي يحضروا أوروبيا أو حتى آسيويا، ويكفينا بؤسا أننا حينما كنا ضمن الصف الأول آسيويا وخلال مشاركتنا في نهائيات كأس العالم لم يكن من بين لاعبينا من هو محترف خارجيا، وكان هذا أحد أهم أسباب تراجعنا، وسببا لارتقاء كوريا واليابان وأستراليا وغيرها، والتي دعمت لاعبيها وأهلتهم ليحضروا خارجيا فكانوا أهم أسباب استمراراها على الصدارة. المهم في القول، ليس هناك ما يعيب أو يخل بكرتنا وحتى بجماهيرنا حينما يقام لقاء السوبر في لندن، لأن في الأمر تسويقا ماليا ومعنويا، وعلينا أن نتخلى عن بعض العبارات القاسية كالفقراء والأغنياء، والمتكسبون والمستفيدون، لأنها تخالف الواقع الحقيقي الذي تحتاجه الكرة السعودية التي تعيش الآن أخطر فصول تراجعها النتائجي على مستوى القارة والخليج.