البطالة قضية تؤرق الجميع وتؤثر سلبيا في الانتاجية الاقتصادية ولها أبعاد اجتماعية مؤلمة، عندما يصل معدلها الى %11.75 لعامين متتاليين ويذهب ضحيتها (651,305) سعوديين بدون رؤية واضحة، بينما معدل البطالة الافضل (2-3%) الذي يشير الى اقتراب الاقتصاد من التوظيف الكامل ويؤكد على صحة سوق العمل تشغيليا واقتصاديا. لقد انهكت البطالة الهيكلية Structural Unemployment اقتصانا "عندما يتجاوز عرض العمالة حجم الطلب عليها عند أجر محدد لا يتطابق اساسا مع أعداد الأشخاص الذين يرغبون في العمل وعدد الوظائف المتوفرة" كما اوضحته في كتابي (إدارة الاعمال التجارية الكبيرة، 2015)، ما جعل معظم الجامعيين الراغبين في العمل الاحجام عنه لعدم تطابقه مع تخصصاتهم وكذلك غير الجامعيين لتدني رواتب الوظائف المتاحة مقارنة بتكلفة المعيشة ولا أمان لها. للأسف مازالت البطالة متفشية بين شبابنا لأعوام متتالية وبالحد الأعلى، رغم السياسة المالية والنقدية التوسعية والدعم الحكومي السخي للتعليم والابتعاث والمعاهد الفنية والتدريب وتحمل صندوق الموارد البشرية نصف راتب السعودي لتحفيز المنشأة على توظيفه. ان نسب وأرقام القوى العاملة من مصلحة الاحصاءات العامة والجزء "الثالث" من (التقرير الاقتصادي لعام 2014)، يؤكدان عدم التقدم في توظيف السعوديين وتحجيم البطالة. وهذا التقرير الذي يدعي التخصص لم يقدم لنا تقييما للمراحل السابقه وأداء برامج وزارة العمل لسعود من نطاقات وغيره واستراتيجية التوظيف السعودية حتى نكون على بينة من أمرنا ولماذا كانت ومازالت مياه البطالة راكدة لسنتين متتاليتين وكيف يقوم الاقتصاد والتخطيط بدوره لتحريكها؟ هكذا نشهد تراجعا حادا في معدل نمو التوظيف الحكومي من 6.40% الى 3.28% في 2013 و2014 على التوالي أي بنسبة 49%، دون ان يقابله تغير ملحوظ في نمو القطاع الخاص يسد الفجوة الحكومية. ان هذا النمو يعتبر ضعيفا جدا مقارنة بالأداء الإجمالي، حيث ان عدد الداخلين الى سوق العمل بلغوا (237,829) فردا مقابل (99,498) فردا من الخارجين أي ان 138,331 فردا يحتاجون لوظائف جديدة، بينما تم إحلال المتبقين مكان الخارجين ليتبقى 28.8 ألف عاطل يضاف الى اجمالي البطالة، ما يعني ان سوق العمل وفر فقط 109,559 وظيفة جديدة بنسبة 58% من صافي الداخلين، بينما النسبة المتبقية 41% تعود الى الخارجين وهذا أدى الى رفع معدل التغير في النمو بنسبة (5%) في 2014 عن 2013. إن الاهم تغير النمو الاجمالي لسوق العمل، حيث ان نسبة المشتغلين السعوديين في عامي 2013 و2014 متساوية (88.3%) والبطالة ثابتة عند (11.7%)، ما يعني ان التغير في النمو ثابت ولم نجد تفسيرا في التقرير لهذا الثبات، ما عدا القول بان هذا النمو مارس ضغطا ديموغرافيا، وأنه لا يتناسب مع عدد الوظائف المتاحة في الاقتصاد، لماذا؟ اين الخلل؟ ماذا عن الاقتصاد والتخطيط والمتابعة؟ اين قياس أداء الخطة بمقارنة النسب الفعلية مع النسب المستهدفة؟ للأسف لا توجد مقارنة في التقرير وكأن التخطيط هامشي. ان المطلوب تفعيل الهدف الخامس من الخطة العاشرة الذي سوف يعزز استيعاب سوق العمل للباحثين الحاليين والقادمين والمرتبط مباشرة بإعادة هيكلة سوق العمل والقطاع الخاص اللذين تم تأسيسهما اساسا لاستيعاب العمالة الاجنبية الرخيصة على حساب توظيف السعوديين والاقتصاد، ما جعل معدل البطالة يستقر مرتفعا ومتعارضا مع ارتفاع معدل النمو الحقيقي ومعدل التضخم، يا له من تناقض لا يحدث إلا في اقتصادنا. كما ان تقليص البطالة الى معدلها الطبيعي (عندما يكون سوق العمل في توازن) يكمن في التخطيط الناجح بناء على المعطيات الاقتصادية الحالية والمستقبلية في إطار معادلة الطلب (خلق وظائف ملاءمة) والعرض (تقليص العماله الاجنبية) عند اجور حقيقية تكفل الحد الادنى من المعيشة. واذكر ان سياسات جانب العرض تتعامل مع قضايا الاقتصاد الجزئي أكثر من غيره لزيادة الطلب الكلي والتغلب على أوجه القصور في سوق العمل للحد من البطالة.