هل الرئيس أوباما هو الإبن الضال لأميركا السوداء، أم مبعوثها المفعم بالعواطف؟ من خلال ملاحظات نطق بها أثناء تشييع جثمان الناشط السياسي الأسود «كليمينتا كارلوس بينكني» قبل أسبوع، راح أوباما يتفرس في وجوه بحر من المعزين أغلبهم من ذوي الوجوه السوداء، ووسط تحديق وانبهار بقية أبناء الأمة، أطلق واحداً من أهم خطاباته المتعلقة بالعنصرية وأكثرها إثارة للجدل. وقال بلغة واثقة ومن دون تردد: «منذ وقت طويل كنا عمياناً، لأننا لم نتمكن من رؤية طريقة مواصلة الظلم، الذي حاق بنا في الماضي، عمله لتشكيل حاضرنا. وربما استطعنا أن نرى ذلك الآن». وقد مثّلت هذه المناسبة لحظة حلوة ومرّة في الوقت نفسه. حلوة لأن أوباما، ولأول مرة منذ بضع سنوات، كان يمتحن فيها شططه المعهود عندما كان يشارك الأميركيين السود آلامهم بدلاً من توجيه السباب إلى الأميركيين جميعاً. ومُرّة، بسبب الأحداث العنصرية المروّعة في بلدة «شارلستون» ضد السود التي قُدّر لها أن تحرف خطابه عن نهجه البليغ والمتوازن. وقد قال أوباما في تلك المناسبة الحزينة: «ربما تدفعنا هذه المأساة لطرح أسئلة مؤلمة حول السبب الذي جعلنا نسمح للعديد من أطفالنا بأن يغرقوا في دوّامة الفقر، أو أن يلتحقوا بالمدارس المتهدمة، أو أن يترعرعوا من دون أي أمل بالفوز بوظيفة أو منصب». إنه بحق خروج عن طبيعة التصريحات العادية للرئيس، وانصراف إلى التركيز على أوضاع الأميركيين السود دون غيرهم، أولئك الذين كثيراً ما يدفعونه إلى طرح «الأسئلة الصعبة» من أجل لفت الأنظار إلى وضعه الشخصي مع التذكير بما توصل إليه من خلال سيرته الحياتية لأهمية الدور الذي يضطلع به الآباء في المنظومة العائلية. وتفوّه الرئيس بهذا الكلام لأنه نشأ وترعرع محروماً من الأب. وهذا ما دفعه إلى التركيز على القيم العائلية عندما كان يتناول أوضاع الأميركيين السود. وكان يُخيّل إليه أن الموضوع يكتسي أهمية كبيرة، وأنه مهم بالنسبة لنا أيضاً. أو ربما يكون قد وجد فيه وسيلة للتواصل معي، أو مع المستمعين إليه من أمثالي. فأنا أيضاً رجل أسود نشأ وترعرع من دون أب، إلا أن حديث أوباما حول الأبوّة كان مخيّباً لأملي. ... المزيد