×
محافظة الرياض

مهن وأوقات

صورة الخبر

الفن الحقيقي يقوم على ملامسة أحزان ومتاعب الناس من خلال لقطة ساخرة وكلمة معبرة وطرفة تخضر بها أغصان يوم يابس، وبمجرد أن قرأت عنوان حلقة «سليفي» «البلدوزر»، كتابة حسن الحارثي حتى استويت جالسا بعد أن كنت متكئا، فالحارثي طائفي المنشأ، وطني الهوية، يتبارك بالمطر، وينتشي بالبرق، ويتراقص ويحتلج على إيقاع الرعد، ولعلنا لم نكن بمعزل عن تجاوزات النصابين والمحتالين وسراق الأراضي والمنتشين بالصفقات المشبوهة، إلا أن عزاءنا أن دولتنا كانت ولا زالت وستظل لهم ولمن هم على شاكلتهم من المحاكين بالمرصاد. وعنونة الحلقة بـ «البلدوزر» رمزية تعبر عن صلافة وغطرسة وتطاول هذه الآلة الجامدة على كل القيم والمبادئ والمثل مهما صر تحت جنزيرها من ذكريات وأصودات متجاهلة قول الفيلسوف أبي العلاء المعري (خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد). فيما تذهب الحلقة المحترفة إلى تصوير بساطة «الحجازيين» وتصالحهم مع الحياة ومتانة ترابطهم قبل عصر الطفرات، إلا أن الحارة الحجازية شأنها شأن أي مجتمع فيه الطيب والخبيث، وفيه الذي يدعي أنه يرعى المصالح وهو سمسار عمولته مضمونة وإن كبد البسطاء المتاعب والمصاعب. لم يكن العمدة موفقا في أداء مقتضى مسؤوليته وأمانته والفنان عبدالله عسيري من أخطر رموز الفن السعودي يقف مع سكان الحي في العلن إلا أنه ليس جادا في التصدي للاستغلال فهو كما يقول المثل: «مشتهي مستحي» وحلقه مبلول وسيره مدهون. ولعل العنصر الرئيس لنجاح الحلقة يتمثل في الترابط وتقاطع المصالح بين مستثمرين لا يعنيهم إلا زيادة أرصدتهم من ملايين التعويضات وبدون شك أن هناك سذجا على شاكلة (أديب سلملي) إلا أن الحيلة مدعاة للفقر وإنما الحيلة في ترك الحيل. وأعود لأؤكد أن الفن رسالة ومضمون ورسالة حلقة سلفي الخامسة عشرة وصلت بقوة فهي رسالة للجشعين وتنبيه للغافلين وسخرية من الطماعين المفتونين بجمع المال دون التفات لحلية المصدر أو حرمته مع إغفالهم لقول الحق سبحانه (إن ربك لبالمرصاد) والمثل الذائع بيننا (ما ظالم بخير)، وكلما اقتربت أذن الكاتب من الرصيف كان أصدق وأبلغ في نقل الأنات والزفرات.