عزا خبراء اجتماعيون ومحللون انخراط جزء من شباب تونس بتنظيمات متطرفة لأسباب منها التفكك الأسري والمجتمعي وهشاشة النضج وانسداد الأفق وغياب الحلول. وأقدم الشاب التونسي سيف الدين الرزقي أمس الجمعة على قتل 39 شخصا أغلبهم من السياح في فندق "أمبريال" بمحافظة سوسة، قبل أن يتبنى تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم. وكشف التنظيم في بيان صحفي عن الاسم الحركي للشاب سيف الدين(أبو يحيى القيرواني)، وهو واحد من آلاف الشباب الذين انخرطوا بتنظيمات مسلحة في بؤر مشتعلة عقب الثورة. ورغم عدم ظهور علامات التدين أو التشدد على سيف الدين الذي قتلته قوات الأمن عقب اعتداء سوسة فإن الصور التي نشرها تنظيم الدولة على تويتر تظهره سعيدا بانتمائه للتنظيم. وزاد في حدة صدمة الرأي العام أن سجل الشاب المنحدر من منطقة قعفور بمحافظة سليانة شمال غربي البلاد خال من السوابق والانتماءات التنظيمية، حيث كان طالبا جامعيا. ولا تختلف ملامح الشاب ياسين العبيدي أحد مهاجمي متحف باردو في تونس العاصمة قبل ثلاثة أشهر عن ملامح سيف الدين، إذ لم تظهر عليه علامات التشدد أيضا. وتتحدث أستاذة علم الاجتماع فتحية السعيدي عن عوامل تتضافر لإنتاج شباب متطرف، مبينة أن فئة الشباب في هذه المرحلة العمرية تمر بأزمات منها أزمة الهوية وتحقيق الذات. السعيدي:الجامعات لا تنشر ثقافة السلم ولا تؤسس لفكر نقدي(الجزيرة) الهوية والذات وتضيف للجزيرة نت أن هناك أحكاما تسود في المجتمع كالقول إن التعليم لا يضمن الوظيفة والمستقبل، وهذا يزيد في انسداد أحلام الشباب الذي يعاني أصلا من هشاشة نفسية وعاطفية وتربوية. وتقول إن تلك الهشاشة تجعلهم عرضة لخطر الاستقطاب من تنظيمات منحرفة أو إرهابية، خاصة في ظل نقص التربية الدينية والتربوية والتنشئة العائلية والمجتمعية. وترى السعيدي أن الأسر التونسية لا تقوم بدورها المحوري بمتابعة أبنائها، وأن المدارس والجامعات لا تقوم بنشر ثقافة السلم ولا تؤسس لفكر نقدي بتدريس ما يتعلق بالعلوم الإنسانية. وقال الباحث في علم الاجتماع محمد الحاج سالم إن استقطاب تنظيمات منحرفة أو إرهابية لشباب تونسي "يتم بسهولة بسبب انسداد الأفق أمام هؤلاء الشباب المغتربين". وأوضح للجزيرة نت أن غياب مشروع وطني يساهم في تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية دفع جزءا منهم إلى "الانتقام من الآخر البعيد وهو الغرب والآخر القريب بالداخل وهو الدولة". الحاج سالم: رفض الشباب لواقعهم والرغبة بإحداث تغييرسهّل استقطابهم(الجزيرة) الشباب والاستقطاب وأضاف أن رفض الشباب لواقعهم ورغبتهم بإحداث تغيير يحقق لهم الذات سهّل من عملية تجنيدهم تحت اسم الدين أو غيره، وأن الشباب كان سهل الاستقطاب على مر التاريخ، خاصة في الحروب. وأشار إلى أن عملية الاستقطاب تكون سهلة "لأنهم لم يبلغوا درجة كبيرة من الوعي والنضج بسبب مخلفات تفكك الأسرة والمجتمع وتدهور المنظومة التربوية وتهرّب الدولة من مسؤولياتها وغياب الحلول". وقال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي للجزيرة نت إن استقطاب تنظيمات متطرفة للشبابناتج عن فراغ سياسي وديني طيلة عقود من الاستبداد. وتابع "في ظل هذا التصحر متعدد الأبعاد لجأ جزء من الشباب التونسي لمتابعة القنوات الفضائية التي تبث خطابا دينيا متشددا إلى جانب مواقع التواصل التي تجيد تلك التنظيمات استخدامها لاستقطاب الشباب. وأكد أن جمعيات خيرية عديدة تموّل من الخارج نجحت بعد الثورة إلى جانب مساجد باستقطاب شباب كثر وإرسالهم إلى سوريا تحت غطاء فكري. وعزا انجراف الشباب وراء تلك التنظيمات إلى الكبت العاطفي والمشاكل الأسرية والمجتمعية وتردي التعليم والفشل المدرسي وتفاقم الأوضاع المعيشية، مما دفعهم للبحث عن بدائل لتحقيق ذواتهم. وقال أيضا إن رغبة الشباب بالانضمام لتنظيمات مثل تنظيم الدولة "هدفه تحقيق الذات والاقتداء بأمثلة يعدونها عليا وتسير على طريق الحق مثل أسامة بن لادن أو أبو بكر البغدادي".