×
محافظة المنطقة الشرقية

مصر تتسلم زورقي صواريخ سريعين من الولايات المتحدة

صورة الخبر

يقول المفكر المغربي عبد الفتاح كيليطو، في كتابه الصادر عن دار توبقال اتكلم جميع اللغات لكن بالعربية: لا نتحرر من لغتنا التي تربينا عليها في أسرتنا، التي اعتدناها وألفناها، فهي حتى وإن كانت في حالة كمون، فإنها تظل متربّصة في المناسبات جميعها، على هذا النحو فإن كل متكلم يعبّر باللغات الأجنبية، انطلاقاً من لغته التي يمكن التعرف إليها عن طريق نبرة شاذة أو لفظ أو تركيب، وعن طريق النظرة وسمات الوجه أيضاً (أجل، للغة وجه)، مهما كانت الكلمات الأجنبية التي أتلفظها، تظل العربية مسموعةً من خلالها علامةً لا تمحى. هكذا يختزل كيليطو رؤيته للغة، وسلطتها، وكأنه يقدم نفسه نموذجاً حياً لأولئك الذين ظلت لغتهم الأم تتلبّسهم، على الرغم من أنهم يعيشون بعيداً عنها، ولا يتكلمون بها في حياتهم اليومية، حتى إنّهم لا يقرأون بها ولا يكتبون، فيبدو كيليطو بذلك، وكأنه يبحث عميقاً في كنه اللغة وحقيقتها، مبتعداً عن التعريف الاصطلاحي والمعجمي الذي يضعها في قالب الرموز والإشارات القادرة على نقل رسائل بين فئة أو جماعة من البشر. يمكن القول بالاستناد إلى جملة من الآراء إن اللغة أوسع كثيراً ممّا يمكن أن تبدو عليه، فهي قبل أن ينحاز الكثير من المفكرين إلى أنها آلية تفكير، هي محمول ذاتي يشترك في صياغته مع الروح الإنسانية، وذلك ما يؤكده المفكر محمد شحرور، في حديثه عن حقيقة الروح. لذلك ليس غريباً أن لا يستطيع الإنسان الانفصال عن لغته، إذ هي مكوّن أصيل للروح، ولا يمكن لأي منّا الانفصال عن روحه سوى بالموت، أو بمعنى أدق الانفصال عن الشكل الفيزيائي القادر على وصف روحنا بالحركة والكلام والمشاعر والتعابير. الأمر مع اللغة يتعدى ذلك، لتصبح هي قوام السلطة، ففي العربية تحديداً تراكمت اللغة وتوسع فعلها، حتى باتت هي كل شيء، فصارت هي بديل السيف في القتال، وهي الميثاق الذي يؤكد سمات الرجولة والنخوة، ليس مبالغة القول إنها الفرد نفسه، إذ يرد قول شهير ينسب إلى الإمام عليّ رضي الله عنه، أن رجلاً دخل على الإمام علي وكان يرتدي ثياباً باذخة، فقال له علي: تكلم حتى أراك. كما يسرد لنا التراث العربي واحدة من الحكايات التي تكشف الأبعاد الكثيرة التي تمظهرت بها العربية، فيروى فيها: تكلم أبو جعفر المنصور في مجلس فيه أعرابي، فلحن فَصَرَّ الأعرابي أذنيه، فلحن مرة أخرى أعظم من الأولى، فقال الأعرابي: أفّ لهذا، ما هذا؟ ثم تكلم فلحن الثالثة، فقال الأعرابي: أشهد لقد ولّيت هذا الأمر بقضاء وقدر. abu.arab89@yhaoo.com