×
محافظة المنطقة الشرقية

وزير التربية البحريني يشيد بمبادرة خادم الحرمين لحوار الأديان

صورة الخبر

من «مصر التي في الميادين وتلك التي في سيتي ستارز» إلى «مصر التي في التحرير وتلك التي في البيوت» ومنها إلى «مصر المتأخونة وتلك المتطهرة» ثم «مصر التي في الاتحادية وتلك التي في رابعة» وأخيراً «مصر التي في منهج الإخوان وصفحاتهم ومنتدياتهم وحباتهم المنثورة في الشوارع وتنظيمهم القابع عبر الحدود وتلك التي في قلوب المصريين القابعين إما في طريق مغلق من قبل الحرائر أو بيت موصد خوفاً من الإخوة أو أمام فيلم عربي قديم هرباً من الجميع» مراحل عدة ومحطات شتى. فمن محطة ثورية جمعت المصريين على اختلاف فئاتهم وطبقاتهم وانتماءاتهم، أو هكذا بدا في كانون الثاني (يناير) 2011، إلى محطات إقصائية وأخرى انتفاضية وثالثة انتهازية ورابعة متعرية من كل ما سبقها من ركوب موجات ثورية وتخللها من اعتلاء كراس سلطوية وأعقبها من تزييف لحقائق شعبية وتخليق لوقائع افتراضية. الواقع الافتراضي في المحطة الآنية حيث تقف مصران، تلك التي في خيالات «الإخوان» وهذه القابعة في قلوب المصريين، يكشف تفاصيل كثيرة وخططاً عميقة، فالجماعة التي أُجبرت على الترجل من أعلى الموجة الثورية تعرض حالياً مهارتها في رياضة عنترية أخرى، غير ركوب الموجات الثورية، ألا وهي ركوب الموجات الشرعية المنزوعة العقلانية. وبدلاً من كلمات المتنبي الشهيرة حيث «الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم»، بات لسان حال الجماعة بعد عقود من التأسيس وسنوات من التجهيز وأشهر من الإجهاز وأسابيع من الإطاحة وأيام من المحاكمة «المسيرات والليل والشرعية تعرفني والزيف والجزيرة وأميركا والخلافة». مشروع الخلافة، نقطة «الإخوان» الحساسة ومصيدة البسطاء ومصيبة مصر، لم تتبق منه سوى مسيرات ليلية وفوضى طلابية واستغاثات دولية وتزييفات إقليمية وبيانات عنترية و «جُمع» كرنفالية، فمن جمعة «الطوفان» إلى جمعة «الفرقان» ومنهما إلى جمعة «الصمود» ثم جمعة «العزة» ومنها إلى سلسلة جمعة «الغضب الأولى» ثم «الغضب الثانية» ثم «الغضب الثالثة» ولما لم تؤت الثمار المرجوة كانت جمعة «خراب يا مصر» وأخيراً جمعة أمس حيث نساء «الإخوان» وفتياتهم وأطفالهم وصبيتهم الذين باتوا الأمل الوحيد المتبقي في الميادين. جمعة «حرائر مصر خط أحمر» أمس هي بلورة للتكتيك الأحدث والتجهيز الأجدّ في منهج الجماعة للإبقاء على نيران مشروعها حية بعد دخوله مرحلة الموت الإكلينيكي. ولأن الضرورات تبيح المحظورات، والنكسات تستدعي الفتيات، وويلات الجماعة تستوجب بذل كل غالٍ ورخيص، فقد باتت نساء «الإخوان» وفتياتهم وما يتيسر جمعه وحشده من نساء العشوائيات والمناطق الفقيرة بمثابة جهاز التنفس الاصطناعي للجماعة والذي يواجه فصله أو خلعه بجدليات أخلاقية وخلافات عرفية واختلافات شعبية! شعبية الجماعة التي يحاول «حكماؤها» إنقاذ ما يمكن إنقاذه منها عبر استدرار عطف المصريين واستنفار نخوتهم واستثارة شهامتهم وقودها الحالي «حرائرهم» سواء العاملات أو المنتسبات أو المحبات أو المتعاطفات من نساء الجماعة أو المستعان بهن بعقود موقتة واللاتي يتم الدفع بهن لصدارة الجمع الكرنفالية التي يكثفن فيها الجهد لشتم وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي وسب الجيش ولعن الشرطة وقذف الشعب. الشعب حيث مصر الأخرى المواجهة لمصر التي يحاول «الإخوان» تصديرها ينتهج نهج تجاهل الجماعة بحرائرها المحترفات منهن والهاويات، وعماد ثورتها من طلاب منتمين إليها و «ألتراس» منجذبين، ورجالها المختفين عن الساحة ولا يظهرون إلا في مسيرات ليلية على مواقع الجماعة الافتراضية أو مداخلات صباحية على «الجزيرة»، وفنها الغرافيتي المقتصر على السباب والشتم واللعن بكتابات عشوائية، وأفكارها المبدعة المستنسخة من الإبداعات الثورية الأولى حيث «اثبت مكانك مرسي عنوانك» بديلاً عن «هنا عنوانك» أو «تتشل الأيادي» نقلاً عن «تسلم الأيادي» أو «تجرد» رداً على «تمرد»، ويبقى التجلي الأبرز للاستنتساخ ظاهراً في وصم المعارضين بنفس العبارات والاتهامات الموجهة إليهم. وفي جمعة أمس، حيث «الحرائر خط أحمر» والصبية في الخطوط الخلفية يزينون الجدران، وجد المصريون مخلفات الفعالية ملخصة في «التهمة حيازة عقل» (وهم الموصومون بإلغاء عقولهم وتسليمها للمرشد عملاً بمبدأ السمع والطاعة) و «خرفان السيسي» (وهم الذين أحرزوا اللقب منذ زمن لكن نسبة إلى المرشد) و «اوعى تنسى دم الشهيد» (وهم وقيادتهم أول من نسوه). مصر التي ضحت بشهداء لم يحسبوا على تيار ضد آخر، بات بعضها يتاجر بدماء من ماتوا بهدف الترويج ومن أجل التشهير. صفحات وصحف الجماعة لا تخلو يومياً من صور قتلى وجرحى، بعضهم من مصر وآخرون من سورية (على أنها مصر)، أملاً في أكبر قدر ممكن من استثارة الانتقام والاستماتة في إشعال الثأر والإبقاء على مصر مصرين والخريطة خريطتين والشرعية شرعيتين. شرعية محمد مرسي التي لم ينطق إلا بها في ظهوره الأول بعد عزله، هي كلمة السر لدى مصر التي في صفحات «الإخوان». وما بيان الجماعة الصادر تحت عنوان «بيان الإخوان المسلمين حول ثبات الدكتور محمد مرسي» في المحاكمة إلا تأكيد لمصر التي في خيالات «الإخوان»، إذ كشف البيان النقاب عن «انبهار العالم» بمرسي «بثباته وصموده وصلابته واطمئنانه حتى منح أنصاره الذين خرجوا ليشدوا من أزره شحنة معنوية هائلة تشد هي من أزرهم وتحضهم على الثبات والاستمرار والتمسك بالحرية والشرعية والسيادة الشعبية». ورغم أن مصر الأخرى انبهرت هي الأخرى بأداء مرسي، إلا أنه كان انبهاراً بما وصفه بعضهم بأنه «هذيان» وبعضهم الآخر بأنه «انفصال عن العالم» وآخرون بأنه «استمرار لمسلسل الهزل الذي بدأ في حزيران (يونيو) 2012». ومن 2012 حين حكم «الإخوان» مصر إلى 2013 حين خلعت مصر «الإخوان»، يقف المصريون شهوداً على الأعراض الجانبية لرياح الربيع التي هبت عليهم قبل نحو ثلاثة أعوام، وهي الأعراض التي نجم عنها خط فارق بين مصلحة جماعة ومصالح شعب، وبين مصر التي في خاطر «الإخوان» وتلك التي في خلايا المصريين، وبين حرائر «الإخوان» اللاتي هن خط أحمر ونساء مصر اللاتي هن خط أخضر، فإن شاركن في تظاهرة في التحرير من أجل الدولة المدنية كن «صليبيات وأرامل وباحثات عن التحرش»، وإن مشين في مسيرة في الاتحادية ضد حكم المرشد ومرسي ضربن وكممت أفواههن، وإن حملن صور السيسي وعارضن «الإخوان» صفعن على وجوههن واتهمن بالعمالة.