يحظى اجتماع لجنة الأسواق المفتوحة في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، هذا الأسبوع، باهتمام الفعاليات الاقتصادية العالمية، خاصة إذا صدرت بعد الاجتماع أي إشارة تدل على عزم المجلس رفع أسعار الفائدة في سبتمبر/ أيلول المقبل في أول تغيير لسياسته النقدية منذ عام 2006. وأعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سوف يميل لإطلاق مثل تلك الإشارة بعد التدقيق في عناصر خمسة لا يمكنه تجاهلها: 1- الوضع الاقتصادي: ينبغي على المجلس موازنة البيانات الاقتصادية مع المؤشرات الأكثر رسوخاً في سوق العمل، بما فيها تقارير الوظائف القوية، وتحسّن معدلات الأجور ونسبة إسهام العمالة في سوق العمل. 2- آفاق التضخم: على الرغم من تراجع خطر التضخم المنفلت، فإن مخاطر تدني معدلات التضخم لا تزال قائمة. ولا بدّ أن يتابع المجلس وسائل ضبط معدلات التضخم في حدود 2%، في ظل قوة محركات الاقتصاد. 3- الاقتصاد العالمي: تزايدت حساسية الاحتياطي الفيدرالي في الأشهر الأخيرة، حيال انتشار العدوى من اقتصاد عالمي هشّ تفاقمت هشاشته، في ظل التدهور في أزمة ديون اليونان. ولا شك أن الاقتصاد الأمريكي سوف يتأثر لسببين أولهما ضعف الطلب العالمي على الصادرات الأمريكية التي تُعدّ محرك النمو الأساسي، واستمرار ارتفاع قيمة الدولار الذي يزيد من الضغوط المتراكمة على الصادرات وعلى السلع المنتجة محلياً وقدرتها التنافسية مع الواردات. 4- الاستقرار المالي: يستمر المسؤولون في المجلس في انتهاج خط متوازن. فهم من جهة يثيرون قلق الأسواق عبر سحب برنامج التيسير الكمي، والتخلي عن التحفيز الذي زاد من متانة الصداقة بين البنوك المركزية العالمية والأسواق.ومن جهة أخرى يبدي المجلس قلقاً من أن تسفر الفائدة الصفرية الطويلة الأجل عن تشجيع المستثمرين على المغامرة، وبالتالي إلحاق الضرر بالعلاقة بين الأصول المالية ومكونات الاقتصاد الأساسية. 5- مخاطر السيولة: تضخّمت مخاوف الاستقرار المالي نتيجة التفاؤل المفرط حيال الإصلاحات الهيكلية التي أسفرت عن شحّ السيولة في الأسواق، خاصة في المواقيت الحرجة. ولعبت التذبذبات الأخيرة في أسواق السندات الحكومية التي تُعدّ تقليدياً آمنة، دور جرس الإنذار.وسوف يبقى تهديد التذبذب الاستثنائي قائماً ما دامت قدرة الوسطاء وعملائهم على امتصاص تلك المخاطر، أدنى من شهية المستثمرين في تغيير حيازاتهم، عندما تتغير معادلات السوق. ولو أخذنا في الحسبان كل هذه العناصر مجتمعة، تأكدنا أن المجلس سوف يرفع أسعار الفائدة خلال اجتماع اللجنة المقبل في سبتمبر/ أيلول. ويجب أن لا نتوقع أن يقدم المجلس على التعبير عن عزمه رفع أسعار الفائدة بعبارات واضحة لا تقبل التأويل. بل سيلجأ المسؤولون فيه إلى لغة مرنة متعددة الخيارات. وخلال الأسابيع التي تلي هذا الاجتماع، سيتركز كلام أعضاء المجلس على إيصال رسالة تركز على الطبيعة غير الحازمة لأول قرار رفع معدلات الفائدة، مع تأكيد التدرج في الخطوات، رغم أن نسبة الرفع ستكون الأقل في تاريخ المجلس.