كم كان جيدا سماع التصريحات التي أدلى بها معالي وزير الصناعة والتجارة زايد راشد الزياني بشأن رفض منح الشركات البحرينية أي نوع من أنواع الحماية أو الميزات التفضيلية. ليس أسهل على الحكومة من حماية الشركات المحلية عبر إصدار قرارات ولوائح تمنحها ميزات تفضيلية، لكن في كل مرة جرى اعتماد هذا النهج في أي مكان في العالم، كانت له تأثيرات مدمرة على الاقتصاد الوطني ككل وعلى الشركات المحلية نفسها، وأدى إلى ترهلها وتحولها إلى عبئ على الحكومة وصولا تصفيتها وتسريح عمالها أو موتها سريريا على الأقل. ذلك أن هذا الدعم الكاذب يخلق شركات غير قادرة على المنافسة وتحقيق الربحية، ويزرع الحس الاتكالي لدى القائمين عليها، ويصبح همهم الوحيد الحصول على المزيد من الدعم الحكومي دون تقديم أية قيمة مضافة للمجتمع، بما يؤدي في النهاية لاستنزاف موارد الدولة. لقد كان الوزير الزياني محقا تماما عندما أشار إلى أن المنافسة الحرة تتيح للشركات البحرينية تحسين أدائها وجودة منتجاتها وخدماتها في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، ولقد رأينا جميعا كيف أن التزام حكومة البحرين بتحرير الاقتصاد، وإتاحة فرص استثمار واسعة، وتهيئة البنية التحتية المناسبة، وتوفير الدراسات والتدريب وغير ذلك من الميزات للشركات البحرينية، أسهم في تحويل العديد من تلك الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى شركات كبرى قادرة على المنافسة. إن مبدأ البقاء للأصلح هو الذي يحكم عالم الأعمال الصحي والمتطور، ويحفز الشركات الصغرى على الارتقاء بأعمالها وتقوية عضلاتها في مواجهة تحديات وتقلبات السوق، وليس تلك الشركات الضعيفة التي يرتبط استمرارها بحصولها على الإعانات والصدقات. كما أن الشركات التي تعمل وفق المعايير العالمية ولا تتلقى دعما حكوميا هي الأفضل بالنسبة للمستهلك، لأنه يدرك أنها تقدم أفضل قيمة مقابل المال، كما أن قوى السوق تضمن أن تلك الشركات تعمل على تقديم خدماتها بأقل سعر ممكن وأعلى جودة، أو أنها تخسر أمام المنافسين. البعض يدعو إلى حماية المنتج المحلي عبر فرض ضرائب جمركية عالية على المنتج الأجنبي، وهذا يدفع المستهلكين إلى شراء منتجات وطنية رديئة بأسعار توازي أو تفوق مثيلاتها الجيدة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هذا الإجراء المتخلف يضعف من قدرة الشركات المحلية على تصدير منتجاتها إلى الأسواق العالمية، لأن الدول المصنعة ستلجأ إلى مبدأ المعاملة بالمثل، ولأن هذه الشركات لو كانت قادرة على المنافسة لما لجأت إلى طلب حمايتها، وهذا يعود بالضرر على الجميع. هذه كلها حقائق لا تخفى على طالب في السنة الأولى من كلية الاقتصاد، ومع ذلك، لا بد أن نقر آسفين أن المجتمع الخليجي يركن إلى حكومته في تصريف كثير من أمور حياته، ولديه قائمة مطالب لا تنتهي، بما في ذلك طلب الأشياء التي تضر بنا جميعا في نهاية المطاف. ينبغي على رجال الأعمال الذين يطلبون من الحكومة حماية أعمالهم، وإعانتهم، ومنحهم مزايا تفضيلية أن يدركوا مدى الضرر الذي سيلحق بهم وبالمستهلكين على المدى البعيد. السوق المحلي البحريني صغير نسبيا، ويجب علينا جميعا أن نفكر ببناء أساس متين لأعمالنا، ثم الانطلاق بها خارج الحدود الوطنية، وصولا إلى أسوق دول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة، وأن ندرك أن النصر في هذه الأسواق التنافسية من نصيب الشركات التي يمكن أن تقدم منتجاتها وخدماتها بأقل الأسعار وأعلى مستوى من الجودة. إن الشركات البحرينية لديها الكثير من المزايا التفضيلية بالفعل، حيث تعمل ضمن بيئة تشريعية متطورة جدا استطاعت على الدوام جذب المستثمرين من جميع بقاع الأرض، وقوانين سهلة لتأسيس الشركات، وانتقال الأموال، والعمال والموظفين، والمجتمع المنفتح ثقافيا، والقرب من السوق السعودي الواسع، وكوادر بشرية بحرينية مؤهلة. نحن نحيي الوزير الزياني على حكمته وبعد نظره، وكذلك تحمله الضغوط في مقاومته اتخاذ إجراءات من شأنها أن تكون في نهاية المطاف ضارة وهدامة، ويجب علينا أن نشيد بالخطوات التي تتخذها وزارته لضمان بقاء البيئة التنظيمية البحرين جاذبة للتجارة والاستثمار، بما في ذلك التشريعات الأخيرة لتحديث قوانين التحكيم. إن رؤية سعادة السيد الزياني هذه تجعل البحرين مركزا إقليميا للمال والأعمال والسياحة والصناعة. رئيس مجموعة بروموسفن القابضة