شهدت القمة الأفريقية الخامسة والعشرين، التي تعقد في مدينة جوهانسبورغ بدولة جنوب أفريقيا، تأجيلا للجلسة الافتتاحية، وذلك بسبب استغراق الجلسة التشاورية الصباحية المغلقة أكثر من خمس ساعات، وسط أنباء عن كثرة المداخلات وخلافات في الرؤى شابت أجواء القمة التي تعقد بمشاركة رؤساء وقادة ورؤساء وزراء ووفود 54 دولة أفريقية، وممثلين عن عدد من المنظمات الدولية والإقليمية. ADVERTISING وكان من المقرر أن تنطلق الجلسة الافتتاحية في الساعة الحادية عشرة من صباح أمس، إلا أن امتداد الجلسة التشاورية دفع إدارة المؤتمر إلى تأجيلها إلى المساء. وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري أن «الجلسة التشاورية للقمة الأفريقية شهدت تقديم تقرير من ديلاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، حول عمل القمم الأفريقية وترشيد الوقت وتداول الموضوعات الاستراتيجية، وإحالة بعض الاختصاصات إلى المجلس الوزاري حتى لا يضيع الزعماء الوقت في تناول الموضوعات الإجرائية؛ وإنما بالتركيز على الموضوعات الاستراتيجية والمهمة». وأشار شكري أيضا إلى أن الجلسة التشاورية شهدت العديد من المداخلات، ومن بينها مداخلة لرئيس أوغندا يوري موسيفيني تحدث خلالها عن المشاكل التي نتجت عن تدخل الناتو والفراغ السياسي الذي حدث في ليبيا، وأهمية أن يقوم الاتحاد الأفريقي بدعم الحل السياسي في ليبيا، ودعوة الأطراف السياسية النابذة للعنف في الإطار الأفريقي، والوصول إلى إقامة حكومة وحدة وطنية. وخيمت على أجواء القمة أمس أنباء قرار محكمة محلية بمنع مغادرة الرئيس السوداني لدولة جنوب أفريقيا على خلفية مذكرة المحكمة الجنائية الدولية. إلا أن سفير السودان لدى دولة جنوب أفريقيا، عمر صديق، أشار في تصريح صحافي إلى أن الدول الأفريقية اعتمدت مقترح السودان الخاص بتعليق ملفه في المحكمة الجنائية الدولية، وأمرت مفوضية الاتحاد الأفريقي بتسليم القرار الخاص بهذا الأمر إلى مجلس الأمن الدولي. كما كشف صديق عن مقترح ثانٍ سيجاز في القمة الأفريقية، يقضي بتشكيل لجنة أفريقية من ست دول، يتابع وزراء خارجيتها الأمر مع الأعضاء في الأمن الدولي، موضحا أن الدول الست المعنية هي السودان وكينيا وإثيوبيا وتشاد وناميبيا ورواندا. ورغم أن القمة تحمل شعار «عام تمكين المرأة والتنمية»، فإن موضوعات أمنية، وعلى رأسها التهديدات التي تمثلها جماعة بوكو حرام في نيجيريا، وأزمة الهجرة غير الشرعية، والأوضاع المضطربة في دولة بوروندي، كان لها حضور طاغ على أجندة القمة. وتحتضن جنوب أفريقيا القمة في حضور عدد كبير من الرؤساء وممثلي دولهم، ورغم غياب عدد من الرؤساء خاصة من دول شمال أفريقيا مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة والتونسي الباجي قائد السبسي والموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وبطبيعة الحال رئيس دولة ليبيا الذي يشهد منصبه شغورا منذ ثورة ليبيا حتى الآن، فإن رؤساء حكومات هذه الدول كلفوا لحضور القمة. وافتتح القمة مساء أمس الرئيس روبرت موغابي، رئيس زيمبابوي، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي. وألقى كلمة أكد فيها على أهمية العمل الأفريقي المشترك من أجل صالح أبناء وشعوب القارة. وشهدت الجلسة كلمات لضيوف القمة، وعلى رأسهم بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس الفلسطيني محمد عباس (أبو مازن)، الذي وصل أول من أمس إلى جوهانسبرغ بصحبة وفد رفيع يضم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة. ومن جهته، أجرى المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء المصري ورئيس وفدها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، مداخلة في الجلسة التشاورية المغلقة، حول ترشيد قمم الاتحاد الأفريقي، وطرق العمل والإجراءات، أكد خلالها أنه «من أهم التحديات التي تواجه عمل مفوضية الاتحاد الأفريقي تنظيم عمل قمم الاتحاد، التي يكتظ جدول أعمالها بالأحداث الجانبية، والكلمات الافتتاحية للرؤساء والضيوف والمراقبين والشركاء، الأمر الذي يؤثر على الوقت المتاح لرؤساء الدول والحكومات للدراسة والمناقشة المستفيضة للقضايا المحورية والاستراتيجية، المتصلة بعمل القارة والمفوضية، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى اعتماد كم هائل من مقررات القمة دون مناقشة حقيقية، ويقابل ذلك تدنٍ في معدلات التنفيذ، بسبب عدم إعطاء الوقت الكافي لهم لدراسة تلك المقررات، ومناقشتها أثناء اجتماعاتهم». كما تناول محلب في مداخلته أن «حركة الهجرة الدولية لا تنعكس على كل من دول المصدر والدول المستقبلة للهجرة فقط، وإنما تمتد لتشمل دول العبور وتؤثر كذلك على المهاجرين أنفسهم، ومن ثم فإنه يتعين عند صياغة أي إطار استرشادي للتعامل مع قضايا الهجرة أن تؤخذ بعين الاعتبار شواغل كل الأطراف المعنية، أي الدول المصدرة للهجرة ودول العبور، والدول المضيفة، وكذا حقوق المهاجرين ذاتهم، بما يسهم في تعظيم منافع حركة الهجرة الدولية لصالح الجميع»، مشددا على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدوره في هذه القضية، من خلال تبني منظور تنموي يعالج الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة. وكذلك تفعيل التعاون والتنسيق المشترك في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية لا سيما مع الدول الأوروبية، دون الإخلال بحقوق المهاجرين، مع حث دول الاتحاد الأوروبي على توفير الدعم الفني لشركائها من الدول الأفريقية خاصة في مجالي إدارة الهجرة ومكافحة الهجرة غير الشرعية ووفقا لاحتياجات كل دولة. ومن بين الملفات التي تحدثت مصادر دبلوماسية عن وجودها على أجندة القادة ملفات أمنية مهمة، ومن بينها الأزمة الناشبة في دولة بوروندي منذ إعلان الرئيس بيير نكورونزيزا عن ترشحه لفترة ولاية ثالثة، وما تلا ذلك من احتجاجات ومحاولة انقلاب، إضافة إلى التهديد المستمر الذي تواجهه دول غرب القارة، خاصة نيجيريا من جماعة بوكو حرام الإرهابية التي أعلنت مبايعة تنظيم داعش. كما شهدت القمة اهتماما بقضية الهجرة غير الشرعية، سواء عبر دروب القارة السمراء، أو إلى دول أوروبا عبر البحر المتوسط، والتي تستحوذ على اهتمام دولي واسع نظرا لتفشيها خلال الأشهر الأخيرة، وسقوط آلاف الضحايا غرقا في مياه المتوسط.