أفتت بعض الهيئات الشرعية في البنوك التي تعمل وفقاً للشريعة الاسلامية بجواز أن تقوم المصارف بإسقاط جزء من أرباحها من القروض كهبة لعملائها عند إعادة هيكلة المديونيات أو السداد المبكر، على ألّا يكون ذلك شرطاً أو منصوصاً عليه في العقد الموقع بين البنك والعميل. وجاءت هذه الفتوى ضمن تحرك البنوك لإيجاد صيغة مقبولة شرعاً تسهّل الاتفاق بين البنوك على صيغة السماح بنقل أو شراء المديونيات، تكون مقبولة من جميع البنوك الإسلامية والتقليدية. ويكمن الخلاف بين البنوك في أن الصيغة المقترحة حالياً لانتقال العملاء بين البنوك الإسلامية والتقليدية قد تشجع العملاء على الانتقال من البنوك التقليدية إلى الإسلامية وليس العكس، لأن البنك التقليدي ملزم بإسقاط الفائدة عما تبقى من القرض في حال السداد المبكّر، بخلاف البنك الإسلامي الذي تمنع أحكام الشريعة الإسلاميّة عليه ذلك. ويعود السبب في ذلك إلى كون البنوك التي تعمل وفقاً للشريعة الاسلامية تستوفي قيمة تمويلاتها بالكامل مضافا إليها كامل الأرباح، باعتبار ان طبيعة العلاقة بين المصارف الاسلامية ومتعامليها تقوم على فكرة المرابحة التي تتم من خلال شراء اصول وإعادة بيعها للمتعامل ما يجعل الربح جزءاً لا ينفصل عن القيمة، بخلاف طبيعة العلاقة بين البنوك التقليدية وعملائها والتي تسمح باجراء استقطاع من الفائدة المسجلة لديها على العميل في حالات القروض الشخصية في حال قرر السداد المبكر، وذلك بحسب المدة المتبقية من أجل القرض. وأدى هذا التباين في قواعد العمل بين الفئتين إلى جدل طويل لم يُحل حتى اليوم، مع استمرار بنكين تقليديين على الاقل في التحفّظ على الصيغة المقترحة للسماح بانتقال العملاء بين البنوك، إلى أن طرح البعض إمكانيّة أن تجاري البنوك الإسلامية نظيرتها التقليدية في التنازل عن الأرباح التي تحصّلها من عملاء القروض (تقابل الفوائد في البنوك التقليدية) إذا ما أرادوا سداد قروضهم مبكراً للانتقال إلى بنك آخر، سواء كان إسلامياً أو تقليدياً. لكن ليصح الأمر كان لا بد من استفتاء الهيئات الشرعية حول ما إذا كان يجوز للبنوك الإسلامية التنازل عن الربح هبةً لعميلها في حال ان قرر تسوية مديونيته مبكرا، بحيث تكون الهبة عبارة عن رد جزء من الارباح إلى العميل بمقدار ما يتم تحديده من مرابحة على الفترة المتبقية من تمويله. وقدمت الهيئات الشرعية فتواها بأنه يحق للبنك الدائن اقرار الهبة لمن يراه مناسبا لكن ذلك يتعين الا يكون تعاقدياً بل يمكن أن يكون بحسب الحالة، وبالتالي لا يجوز استخدام الهبة كباب خلفي لانجاز البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية تسوية سداد مبكر مع عملائها الذين قد يكون البعض منهم مقتدرا ولا يستحق شرعا الحصول على الهبة بنية المساعدة. وبالرأي الصادر من بعض الهيئات الشرعية، تكون البنوك عادت إلى المربع الأول في خلافها مع البنوك التقليدية حول شراء المديونيات، خصوصا وانه ليس من المتوقع ان ترد الهيئات التي لم ترسل افادتها حتى الآن آراء مغايرة عن هذا الرأي، ومن ثم يكون القرار النهائي في هذا الخصوص بيد بنك الكويت المركزي الذي ترك للبنوك احقية النقاش حول هذه المسألة بهدف الوصول إلى رأي توافقي بينها قبل ان يقول كلمته. وافادت المصادر ان «المركزي» تلقى وجهتي نظر متناقضتين من البنوك حول شراء المديونيات، وأنه يقوم بدراستهما في الوقت الحالي، لكنه سيقر في النهاية ما يراه مناسبا من تعليمات تنظيمية في هذا الشأن، مشيرة إلى ان «المركزي» كان يرغب في ان تصل المصارف إلى رأي واحد في هذا الخصوص، لكنها لم تفعل. ولفتت المصادر إلى ان قرار «المركزي» حول شراء المديونيات يحتاج إلى بعض الوقت للوصول إلى نتائج يمكن اعلانها وتطبيقها سواء بتعديل التعليمات النافذة حاليا أو ابقائها على صيغتها.