الفرق بين أي زعيم وطني عام، وقيادي حزبي أو مذهبي خاص ماص، هو: أن رهان الأول دائماً على الشأن الشعبي في الداخل، بينما يتخبط الثاني في حساباتٍ خارجية ضبابية، الرابح فيها خاسر مُخسِّر! وهو ما يمكن تطبيقه على الحالة (الإردوغانية) بوضوح شديد؛ فقد راهن (أتاتورك الثاني) على الشعب التركي، وعمل على تحقيق حاجاته المعيشية، المختصرة في (العدالة والتنمية)؛ فأنجز في (5) سنوات ما لم تنجزه الأنظمة الاستبدادية في (50) عاماً، ولمسنا نحن (فيذا) أثر الازدهار (فيذاك) على العمالة التركية الشقيقة، حيث حزم الكثيرون حقائبهم وعادوا إلى بلادهم، وأوشكت أن تصبح ظاهرةً: عبارة (تقبيل) محال الحلاقة و(الشاورما)، التي علقها الكفلاء السعوديون الطيبون المنتجون، المتنيئمون بشخيرٍ متقن! فلما استيقظ الحزبي المؤدلج (إخوانجياً) فيه، راح (السلطان إردوغان) يهايط بالماضي المجيد الحميد السعيد البعيد، في قضايا لا تقدم ولا تؤخر؛ كالزعم بأن المسلمين هم من اكتشف أمريكا! وترك الشأن الداخلي لقيادات حزبه، حيث انقض كثيرٌ منهم على الغنائم يجمعها، ومد (السلطان) أنفه إلى الخارج يؤيد (إخوانه) في كل مكان، ويدافع عنهم مهما كانت خيباتهم، وما زال يحرضهم في مصر بالذات؛ رغم علمه أنهم كانوا سيسقطون سياسياً لا محالة، منذ رفضوا نصيحته الذهبية بالتفكير الجدي في العلمانية! وظهر فساد حزبه في الداخل التركي، وبدل أن يواصل حملة التطهير التي بدأها الشعب، في ميدان (تقسيم)، راح يستميت في الدفاع عنه، ويلاحق المعارضين، ويستخدم القضاء في تكميم الأفواه، ومصادرة الحريات، بإغلاق القنوات الفضائية التي تنتقد تخبطاته (الحزبية)، وحجب المواقع التي سرَّبت المقاطع الصوتية الموحية بتورطه هو شخصياً في حماية الفساد، وإن لم يمارسه، تماماً كالسيد (جوزيف بلاتر)!! وها هي نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة تصفعه وتعلق الجرس في رقبته، مؤكدة أن الشعب التركي الذي راهن عليه (أتاتورك الثاني) نضج سياسياً، وأصبح يفرق بين تمرة (العدالة والتنمية)، وجمرة الآيديولوجيا الحزبية (الإخوانجية)! والرهان على الداخل قبل الخارج هو (الرهان التاريخي للملك عبدالعزيز)، كما روينا في (الوطن 2009) عن راشد المبارك ـ رحمه الله ـ عن سلمان بن عبدالعزيز ـ وفقه الله ـ وهو ما سيحمينا من دعشنة الداعشين، وحشد الحاشدين. نقلا عن مكة