للإيطاليين كل الحق في أن يستقبلوا سيدتهم العجوز بما يليق بالإنجاز الكبير الذي حققته ليس فقط بالوصول، حيث كان الكل يعتقد أنه مستحيلاً عليها، نهائي دوري الأبطال، ولكن أيضا للأداء الملحمي الذي قدمته خلال النهائي الأوروبي الذي خرجت منه بهزيمة صغيرة الحجم، وبوصافة أنقذت صورة الكرة الإيطالية التي أصابها شرخ قوي منذ أن فاز الإنتر بأمجد الكؤوس مع الداهية جوزيه مورينيو. وللويس أنريكي كل الحق في أن يرفع رأسه أخيراً في وجه كل الذين شككوا في قدرته على قيادة برشلونة إلى ثاني ثلاثية ذهبية بعد التي كانت مع بيب جوارديولا، وله كل الحق في أن يطلب الاعتذار من كل الذين شككوا في قدرته على إنقاذ «التيكي تاكا» من الموت السريري وفي جدارته الفكرية والرياضية بإسعاف منظومة لعب توهم الكثيرون أنها إلى زوال مع رحيل بيب. لم يكن النهائي الأوروبي الذي أعاد عرش القارة العجوز إلى الفريق الكتالوني، إلا صورة من الملحمية التي أصبح عليها برشلونة وهو ينقح أسلوباً ويعدل فكراً ويحصن تكتيكاً ليأتي بكل هذه الروائع في موسمه المنتهي، فبرشلونة لم يعد سوى ميسي بخوارقه وبلمساته السحرية التي تجلي الغمام وتذهب السحب، إنه فريق يلعب بجماعية، لا يستحوذ على الكرة ببلادة، ولا يتركها لخصمه باعتباطية، وإن قرر أن يطبق على المنافس بضغط عال فعل ذلك بتنسيق رائع بين الخطوط، وإن قرر الاستكانة قليلاً، فعل ذلك بكثير من الثعلبية، لأنه يوهم المنافس بأنه تهاوى بدنياً بينما الحقيقة أنه يهيئ لمرتدات في صورة إعصار لا يبقي ولا يذر، وقد شاهدنا صورة من هذا الدمج الرائع بين الأسلوبين في كل المباريات المفصلية التي قادت برشلونة إلى ألقابه الثلاثة، أمام البايرن في دوري الأبطال، أمام الريال وأتلتيكو في الليجا، وأمام الروخيبلانكوس في كأس الملك. وإذا كان أليجري مدرب اليوفي يهنأ على أنه اهتدى إلى المنظومة التكتيكية الأنسب لمقاومة المد البرشلوني ممثلاً في ثلاثي الهجوم المرعب، ميسي ونايمار وسواريز، ونجح إلى حد بعيد في مقارعة برشلونة في نزال كانت كل القياسات التكتيكية شبه مستحيلة فيه لوجود فوارق في الخامات الفنية، فإن إنريكي أبرز براعته في تجميل وتنقيح منظومة لعب برشلونة، مستفيداً من كل الرضوض والتقرحات التي ظهرت على التيكي تاكا، ومستفيداً من السرعة التي تمكن بها ميسي أن يضبط الأوتار الهجومية مع كل من نيمار وسواريز، لنصبح أمام أقوى ثلاثي في تاريخ الفريق الكتالوني. بعد كل هذا الفيض الإبداعي والرقمي يكون ضرورياً أن نسأل عن الذي يمكن أن يأتي به إنريكي في موسمه القادم ليبقي برشلونة متحصنا ببرجه، وهو الذي يتحرش به على الدوام غريم تقليدي هو الريال لن يقبل بموسم آخر أبيض.