لم يفلح تقرير الوظائف الأمريكي في تحرير أسواق الأسهم العالمية من الشعور بالقلق إزاء عدد من العوامل الأهم التي ترسم صورة اقتصاد العالم عموماً، لينتهي الأسبوع على خسائر في كافة مؤشرات الأسهم العالمية وإن بدرجات متفاوتة بقيت معظمها تحت الخانة العشرية الواحدة عدا مؤشر فاينانشل تايمز في لندن وداكس الألماني. كانت الأجواء غير المشجعة ترافقت قبل بداية الأسبوع مع بيانات محبطة حول نسبة النمو في الناتج الإجمالي المحلي الأمريكي للربع الأول، ما وضع المتداولين في حالة ترقب ومتابعة لكل ما يصدر من تقارير منذ يوم الاثنين بحثاً عما يعيد التوازن للأسواق التي تراقب عن كثب تقرير الوظائف الأمريكي لشهر مايو/ أيار والأزمة اليونانية التي لا تغيب عن المشهد يوميا. إلا أن الآسواق الاسيوية انطلقت يوم الاثنين في جو إيجابي منذ بداية جلسة التداول الصباحية على وقع بيانات صينية ويابانية مشجعة وأنهت يومها على مكاسب غير مسبوقة تراوحت بين 5% لمؤشر شنغهاي و4.4% لمؤشر هونغ كونغ، اما مؤشر نيكاي فاستمر في حصد المكاسب لليوم الثاني عشر على التوالي. وسرت مشاعر الارتياح إلى الأسواق الأوروبية وحتى الأمريكية لتنهي جميعها على ارتفاع خاصة بعد صدور تقرير الإنتاج الصناعي الأمريكي وتقرير الإنفاق على الإنشاءات ما عزز الثقة بأداء الاقتصاد وتحسن معدل الناتج الإجمالي للربع الثاني. لكن صباح الثلاثاء شهد انتكاسة في الأسواق الآسيوية بعد قرار البنك المركزي الأسترالي الحفاظ على معدلات اسعار الفائدة دون تغيير تلاه قرار المركزي الهندي خفض معدلات الفائدة بين البنوك 25 نقطة مئوية وهذه المرة الثالثة التي يخفض فيها البنك معدلات الفائدة لهذا العام. ولم يكن حال الأسهم الأوروبية أفضل في ظل تعثر مفاوضات اليونان مع دائنيها وهو ما أثار شعورا بالقلق في وول ستريت ايضا حيث لم تنفع البيانات الإيجابية في استعادة ثقة المستثمرين بأداء الاقتصاد. واستمر هذا الشعور ليوم الأربعاء حيث انطلقت تداولات الأسهم في آسيا على تراجع رغم إيجابية البيانات الاقتصادية التي عكسها نمو الناتج الإجمالي الأسترالي للربع الأول بنسبة 2.3% مقارنة مع توقعات المحللين بنحو 2.1%،وفي الوقت نفسه سجل مؤشر مشتريات المديرين الصيني 53.5 نقطة لشهر مايو مقارنة مع 52.9 نقطة للشهر الذي سبقه ومع ذلك أنهى مؤشر شنغهاي اليوم على تراجع طفيف. وفي أوروبا لم تشهد الأسواق نشاطا غير عادي وبقيت في حدود التوازن بين المد والجزر حيث ساد الترقب لما قد يصدر عن اجتماع البنك المركزي والمؤتمر الصحفي الذي يعقده ماريو دراغي بعد الاجتماع. وعززت البيانات الأمريكية الشعور بالثقة حيال أداء الاقتصاد الأمريكي وسط توقعات بارتفاع عدد الوظائف لشهر مايو فضلا عن التوصل لاتفاق حول ديون اليونان. ووسط موجة بيع في أسواق السندات العالمية تسببت بها تلميحات رئيس البنك المركزي الأوروبي وانعدام مؤشرات الحل اليوناني، تعرضت الأسهم في آسيا وأوروبا وحتى الولايات المتحدة يوم الخميس لمزيد من الضغوط أسفرت عن تراجع الأسهم الصينية بنسبة 3% والفرنسية 2% والألمانية 1.6%. واستمر التذبذب في أسواق آسيا الجمعة عدا الصين التي أحرزت اسهمها مكاسب لافتة. لكن هيمنة أزمة اليونان على شعور المستثمرين بعد إشارة صندوق النقد الدولي حول الأزمة اليونانية دفع الأسهم الأوروبية هبوطا رغم ترقب تقرير الوظائف الذي تسبب في زيادة جرعة الترقب. وما إن صدر التقرير المرتقب حتى زاد تراجع الأسهم في حركة غير مألوفة لينهي مؤشر يورو ستوكس 600 على تراجع بنسبة 0.9%. أما الأسهم الأمريكية فأنهت الجمعة على أداء متفاوت حيث زاد ثقل الأزمة اليونانية وموجة بيع السندات على وزن تقرير الوظائف في معادلات المستثمرين. ووسط هذه الأجواء غير المستقرة انتهى الأسبوع على خسائر في كافة المؤشرات تقدمها مؤشر فاينانشل تايمز بنسبة 2.57% منهيا الأسبوع عند 6804.60 نقطة تلاه مؤشر داكس الألماني بنسبة 1.90% منهياً أسبوعه عند 11197.15 نقطة. وتفاوتت خسائر باقي المؤشرات متدرجة بين 0.03% و0.9%. االدولار يرفعمكاسبه الأسبوعية منح تقرير الوظائف سندات الخزانة الأمريكية زخماً قوياً في نهاية أسبوع لم يخل من موجات بيع عارضة الأمر الذي عزز قيمة العائد عليها ومنحها سبع نقاط إضافية في أقل من ساعة رافعاً مكاسبها الأسبوعية فوق 29 نقطة لتصل على فئة السنوات العشر إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي ومنهيا عند 2.402%. أما نظيرتها الألمانية التي حلقت خلال الأسبوع لأول مرة فوق 1% فعادت لتلامس 0.85% بمكاسب نقطتين على مدار الأسبوع. وانتعش الدولار الذي تعرض لضغوط قوية خلال الأسبوعين الماضيين، أمام اليورو رغم تحسن الأخير مسجلاً 1.1 % خلال الأسبوع مستفيداً من تضاؤل الفجوة بين العائد على السندات الألمانية وسندات الخزانة الأمريكية. إلا أن انتعاش الدولار على خلفية تقرير الوظائف رفع مكاسبه الأسبوعية إلى 1.4% . أما الذهب فقد استمر تراجعه خلال الأسبوع وسط الرهان على تحسن أداء الاقتصاد وهو ما تعزز نتيجة تقرير الوظائف ليزيد من متاعب المعدن الأصفر الذي أنهى الأسبوع على خسائر تجاوزت 21 دولاراً للأونصة لتصل إلى 1168 دولارا. وزادت الضغوط على سعر النفط بنهاية الأسبوع بعد قرار منظمة أوبك الإبقاء على معدلات إنتاجها دون تغيير لينهي سعر برميل برنت عند 61.70 دولار بخسائر أسبوعية بلغت 5.9 %.